لابن الفُقَّاسِ، وكان أَسَرَ قُودس الأعْوَر بِطْرِيق سَمَنْدُو (١) وابن ابنَةِ الدُّمُسْتُق، وأنشَدَهُ إيَّاها بعد الوَقْعَة في الحَدَث (٢): [الطّويل]
على قَدْر أهل العَزْم تأتي العَزائمُ … وتأتي على قَدْرِ الكِرَامِ المَكَارِمُ
وتعظُمُ في عَيْن الصَّغير صِغَارُها … وتَصْغُرُ في عَيْن العَظِيم العَظائمُ
يُكلِّفُ سيفُ الدَّولةَ الجيْشَ همَّهُ … وقد عجزَتْ عنه الجُيُوشُ الخضَارِمُ
قال فيها (٣):
هَلْ الحدَثُ الحَمْرَاءُ تعرِفُ لونَها … وتَعْلَم أيُّ السَّاقِيَين الغَمائمُ
سَقَتْها الغَمامُ الغُرُّ قَبْل نُزُوله … فلمّا دَنا منها سَقَتْها الجَماجِمُ
بَناهَا فأَعْلى والقَنا يقرَعُ القَنا … ومَوْجُ المنَايا حَوْلها مُتلَاطِمُ
وكان بها مثل الجُنُونِ فأصبَحَتْ … ومن جُثَثِ القَتْلَى عليها تَمائمُ
طَريدَةُ دَهْرٍ سَاقَها فرَدَدْتَها … على الدِّين بالخَطِّيِّ والدَّهرُ رَاغِمُ
وكيفَ يَرْجَى الرُّومُ والرُّوُس هَدْمَها … وذا الطَّعَنُ أسَاسٌ لها ودعائمُ
وقد حاكمُوهَا والمنَايا حَوَاكمٌ … فما ماتَ مَظْلُومٌ ولا عاشَ ظالِمُ
نَثَرْتَهُمُ فَوْقَ الأُحَيْدِب كُلِّهِ (a) … كما نُثرتْ فَوْق العَرُوس الدَّرَاهمُ
وفي ذلك يقول أبو فراس (٤): [من الطّويل]
وحَسْبي بها يَوْمَ الأُحَيْدِبِ وَقْعَةً … على مِثْلها في الحَرْب (b) تُثْنى الخنَاصِرُ
عَدَلنا بها في قِسْمَة المَوْتِ بينَهُم … وللسَّيْف حُكْمٌ في الكَتِيْبَة جَائِرُ
(a) الديوان: نثرة.
(b) الديوان: العز.