قرأتُ في آخر كتاب البَديع في القِرَاءَاتِ لابن خَالَوَيْه، بخَطِّ أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن عُبَيْدِ اللَّه بن أبي أُسامَة الحَلَبِيّ الأدِيْب: تَمَّ كتاب البَدِيْع، وذلك في شَوَّال سَنَة سَبْعٍ وأرْبَعين وثَلاثِمائة بحَلَب، أيَّام زَارَ سَيِّدُنا الأَمِيرُ ناصِر الدَّوْلَةِ، سَيِّدَنا الأَمِيرَ سَيْفَ الدَّوْلَة، أطالَ اللَّهُ بَقَاءَهُما، مع سَائرِ الأُمَرَاءِ أوْلَاده، أدَامَ اللَّهُ عِزَّهُم.
وإيَّاهُ -أعْني ناصِر الدَّوْلَة- عَنَى أبو فِرَاس بقَوْله في قَصِيْدَتهِ الرَّائِيَّة الّتي يَفْخرُ فيها بقَوْمِهِ (١): [من الطويل]
وسَاسَا أُمُورَ المُسْلميْن سِيَاسَةً … لها اللَّهُ والإِسْلَامُ والدِّيْنُ شَاكِرُ
أرادَ بذلك أنَّ ناصر الدَّوْلَة وأخاهُ سَيْف الدَّوْلَة أجَارَا المُتَّقِيّ من البَرِيْدِيِّيْنَ، وكان سَيْفُ الدَّولة بين يَدَي نَاصِر الدّوْلَة وذلك أنَّ المُتَّقِي خَرَجَ هَارِبًا من البَرِيْديِّيْنَ ومعه مُحَمَّدُ بن رَائِق والوَزيِرُ ابن مُقْلَة، فتَلقَّاهُم سَيْفُ الدَّوْلَة بتَكْرِيت، وحَمَل إليهم الأمْوَالَ والكُسَى والدَّوَابّ، وسَارَ بهم إلى أخيهِ ناصِر الدَّوْلَة (٢).
قال أبو عَبْد اللَّه بن خَالَوَيْه في شَرْح هذه الأبْيَات لأبي فِرَاس: وقد كان يُرْوَى قَديْمًا في خُطْبَةٍ لأَمِير المُؤْمنِيْن صَلَواتُ اللَّه عليه، يعني عليًّا عليه السَّلام: