يَحْيَى الكَاتِب، قال: حَدَّثَنَا إسْحاق المَوْصِليِّ، قال: أنْشَدْتُ الأصْمَعيِّ شِعْرًا لي على أنّهُ لشَاعِرٍ قَديمٍ: [من الخفيف]
هَلْ إلى نَظْرَةٍ إليكِ سَبِيْلُ … يُرْوَ منها الصَّدَى ويُشْفَى الغَلِيْلُ
إنَّ ما قَلَّ منكِ يَكْثُر عِنْدِي … وكَثِيْرٌ من الحَبِيْبِ القَلِيْلُ
فقال لي: هذا واللهِ الدِّيْبَاجُ الخُسْرُوَانِيّ، فقُلتُ لَهُ: إنَّهُ ابنُ لَيْلَتهِ، فقال: لا جَرَمَ أنَّ أثَرَ التَّوْلِيْدِ فيهِ! فقُلتُ لَهُ: لا جَرَمَ أَنَّ أثَرَ الحَسَدِ فيكَ.
قال أبو بَكْر - يعني مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْليِّ (١): وقد أعْجبَ هذا المَعْنَى إسْحاقَ فردَّدَهُ في شِعْره، فقال (٢): [من مجزوء الرمل]
أيُّها الظَّبْيُ الغَريرُ … هَلْ لنا منكَ مُجِيْرُ
إنَّ ما نوَّلْتَنَا (a) منْـ … ـكَ وإنْ قَلَّ كَثِيْرُ
وكان إسْحاق يَظُنُّ أنَّهُ سَبَقَ إلى هذا المَعْنَى حتَّى أُنْشِدَ لأعْرَابيٍّ: [من الطويل]
قفِي وَدِّعِيْنَا يا مُلَيْحُ بنَظْرَةٍ … فقَدْ حَانَ منَّا يا مُلَيْحُ رَحِيْلُ
ألَيْسَ قَليلٌ نَظْرةٌ إنْ نَظَرْتُها … إليكِ، وكُلٌّ ليسَ منْكِ (b) قَلِيْلُ
قال: فَخَلَفَ إسْحاقُ أنَّهُ ما كان سَمِعَهُ.
وقد رَوَى الأصْمَعِيُّ هذين البَيْتَيْن، وحَكَى الحِكايَة عن إسْحاق.
(a) الديوان: نولتني.(b) رواية الخطيب البغدادي: منك ليس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute