ودَفَعها إليَّ، وإذا يَحْيَى قد كَتَب: يُدْفَعُ إلى إسْحاقَ ألْف ألف دِرْهَم يَبْتَاعُ بها مَنْزِلًا، وإذا جَعْفَر قد وقَّعَ: يُدْفَعُ إلى إسْحاقَ ألف ألف دِرْهَم يَبْتاع بها أثَاثًا، وإذا الفَضْلُ قد وقَّع: يُدْفَعُ إلى إسْحَاق ألْف ألف درْهَم يَصْرفها في نَفَقاتِه ومَؤُونَتِهِ، فقُلْتُ في نَفْسِي: هذا حُلُمٌ! فلم ألْبَث أنْ جاءَ خَادِمٌ فأخَذَها من يَدىِ، فلمَّا كان وَقْتُ الانْصِرَاف اسْتَأذنْتُ وخَرَجْتُ، فإذا أنا واللهِ بالمَالِ، وإذا بوُكَلاءٍ يَنْتَظرُوني حتَّى أقْبَضَ منهم، فعَلَام يلُوْمُني هذا الجَاهِل؟!.
ثُمَّ قُلْتُ لمُخَارِق: هَاتِ العُوْدَ، فأخَذْتُه وردَّدْتُ الأصْوَات الّتي أخْطَأ فيها، وغَنَّيْتُ صَوْتًا من الطَّويل بِشِعْرٍ لابن يَاسِين (a)، والغِنَاءُ لي فيه، وهو:[من الطويل]
فطَرِبَ لذلك طَرَبًا شَدِيْدًا، ثمّ قال: حُقَّ لكَ!.
ثمّ أقْبل على مُخَارِق فقال: يا فَاسِق، ما أنْتَ والكَلَام؟ وأمَرَ لي بمائة ألف دِرْهَم وخلْعَة، وأمَر لمُخَارِق بعَشْرة آلاف دِرْهَم، فبلغَ ذلك إسْحاقَ بن خَلَفٍ، فأنْشَأَ يَقُول:[من البسيط]
ما ضَرَّ زائرَهُ الرَّاجِي لنائلهِ … إنْ كان ذا رَحِمٍ أو غيرَ ذِي رَحِمِ
فَعَالُهُ كَرَمٌ وقَوْلُهُ نَعَمٌ … بقَولِهِ نَعَمٌ قد لجَّ في نِعَمِ
(a) الأصل: لأبي بشير، والمثبت من الجليس الصالح والأغاني ٥: ٢٠١، وذكر الأصفهاني في موضع آخر (الأغاني ٥: ٢٨٠) أن ابن ياسين هذا هو شاعر مجهول قليل الشعر، وكان صديقًا لإسحاق. (b) الأصل: بحيلة. (c) الجريري: تلقاك.