وقَرأتُ بخَطِّ مُحَمَّد بن الحَسَن بن مُحَمَّد الصَّيْرَفِيّ في هذا المَجْمُوع: قال المَادَرَائِيّ: أخْبَرَني مُحَمَّد؛ يعني أبا الحُسَين مُحَمَّد بنِ حُمَيْد الأنْبارِيّ، قال: أخْبَرَني العبَّاسيّ، قال: حَدَّثَني أبو حَشِيْشَة، قال: كنتُ في منْزِلي بمَدِينَة السَّلام فأتاني رسُول إسْحاق بن إبْراهيِم قبل صَلَاةِ المَغْرب في الحُضُور، فقُلْتُ لرَسُولهِ: ومَنْ عندَهُ؟ فقال: بعَثَ إلى بَدَل الكبيرة وعَمْرو بن بَانَة، قال: فصرتُ إلى داره، فرأَيْتُ آلَةَ الشُّرْب وآنِيَةَ النَّبِيْذِ والفَوَاكِه والرَّياحِين في صَحْن الدَّار، وهو جالِسٌ فىِ قُبَّتِه الّتي كاتَ مُشْرفَةً على دِجْلَة، فدخلْتُ، ووَافَى عَمْرو بنُ بَانَة ووافَتْ بَدَل، فَأَوْمأ إِلينا بالجُلُوسِ، فَجَلَسْنَا وما فينا أحَدٌ يَنْطقُ، وهو في صَدْر المَجْلِس لا يَتَكلَّم، ثمّ حَضر وَقْتُ صَلَاة عِشَاءِ الآخرة، فقام للصَّلَاة وقُمنا، ثمّ عاد إلى مَجْلسه وعُدْنا، فما زلنا جُلُوسًا بينَ يَدَيْهِ لم يَدْعُ بشيءِ ممَّا أُعدَّ له، ولا نَطَقَ بحَرْفٍ، ولا نَطَقْنا، فلمَّا أْن نَادَى المُؤذِّن بصَلَاة الغَدَاةِ، فقام لمَّا سَمِعَ الأذَان، وقُمْنا جَمِيعًا، فعَبَرنا في زَوْرَق، فقالت لنا بَدَل: مُرُّوا بنا إلى منْزِلي لنُقيم اليَوْم فيه ونتعَجَّب ممَّا كُنَّا فيه البَارِحَة، قال: ففَعَلْنا وأقَمْنا عندَها، وما فينا أحدٌ يَدْرِي لِمَ أُحْضِرنا، ولا لِمَ صُنِعَ بنا ما صُنِعِ، حتَّى إذا مَضَى لهذا الحَدِيْث مُدَّةٌ، قالت لي بَدَلٌ؛ وكانت جرِيَّةً على إسْحاق: عَلْمت أنِّي سألتُهُ عِن قِصَّتنا ليلة، فقال لي: نعم كنتُ أشْتَهي منذُ دَخَلْتُ بَغْدَاد أنْ أَصَادِفَ لَيْلَة أرْبَع عَشْرة من الشَّهْر والقَمَر فيها تَامٌّ، وقد مَدَّتْ دِجْلَةُ فأشْرَب على الماءِ والقَمَر، فاتَّفقَ ذلك في اللَّيْلةِ الّتي دعَوتُكُم إليها، وعزَمْتُ على الشُّرْب، فلمَّا تكامَلَ