أأَقْعُدُ بعدَمَا رَجَفَتْ عِظَامِي … وكان المَوْتُ أقْرَبَ ما يَلِيْني
أُجَادِلُ كُلَّ مُعْتَرضٍ خَصِيْمٍ … وأجْعَلُ دينَهُ غَرَضًا لديني
فأَتْرك (a) ما عَلمْتُ لرأي غَيْري … وليسَ الرَّأيُ كالعِلْمِ اليَقِيْنِ
وما أنا والخُصُومَة وهي لبْسٌ … تُصَرَّفُ في الشَّمَالِ وفي اليَمِيْن
وقد سُنَّتْ لنا سُنَنٌ قوامٌّ … يَلُحْنَ بكُلِّ فَجٍّ أو وَضين
وكانَ الحَقُّ ليسَ به خَفَاءٌ … أغَرّ كَغُرَّة القَلَق المُبِيْنِ
وما عوَضٌ لنا منْهَاجُ حُمْقٍ … بمنْهَاجِ ابن آمنَةَ الأَمِيْن
فأمَّا ما علمْتُ فقد كَفَاني … وأمَّا ما جَهِلْتُ فَجَنِّبُوني
فلَسْتُ بمُكَفِّرٍ أحَدًا يُصَلِّي … ولَنْ أجرِمُكُم أنْ تُكَفِّرُوني
وكنَّا إخْوةً نُرْمَى (b) جَمِيعًا … ونَرْمي كُلَّ مُرْتابٍ ظَنِين
فما برحَ التَّكَلُّف أنْ تساوَتْ … بشَأنٍ واحدٍ فِرَقُ الظُّنُون (c)
فأَوْشَكَ أنْ يَخِرَّ عِمَادُ بَيْتٍ … ويَنْقطعَ القَرِيْنُ من القَرِين
فلمَّا كَتَبَهُ، قال لي: يا أبا عَبْد الله، لا أُجَاوزُ هذا.
قال أبو بَكْر أحْمَد (d) بن زُهَيْر: فقُلْتُ أنا لمُصْعَبٍ: هذا قد كَتَبَ الحَدِيْثَ منذُ كَذَا وكَذَا لا يُجَاوز هذا الشِّعْر؟!.
أخْبَرَنا أبو بَكْر عَتِيق بن أبي الفَضْل السَّلَمَانِيّ، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم علىّ بن الحَسَن (١)، ح.
(a) تاريخ بغداد: وأترك.
(b) تاريخ بغداد: ترقى.
(c) تاريخ بغداد: الشؤون.
(d) في الأصل: محمد، كما وجده ابن العديم في أصل ابن الخطيب، ونبه على وقوع التصحيف فيه بكتب: "صـ"، وقد تقدم في أول الخبر صحيحًا.