وإنَّ مَحَلًّا (١) أُوْطِئَتْهُ جيادُهُ … يَحقُّ على الأفواه تقبيلُ تُرْبِهِ
وإنَّ زمانًا أنتَ من حَسنَاتِهِ … حقيقٌ بأنْ يختالَ مِنْ فَرْطِ عُجْبِهِ (٢)
وقال يمدح أبا النَّجْم هبة الله الأَصفَهاني وزيرَ تاجِ الدولة تُتُش (٣): [من الطويل].
أيا بَيْنُ ما سُلِّطْتَ إلا على ظُلْمي … ويا حُبُّ ما أبقيتَ منِّي سوى الهَمِّ
فِراقٌ أتى لي إثر هَجْرٍ وما أذًى … بأوقعَ مِنْ كَلْمٍ أصابَ على كَلْمِ
لو كان لي في الوَجْدِ ما يُقْنِعُ الضَّنى … وفي الهَجْرِ ما يَغْنَى به البَيْنُ عن غَشْمي
أَحِنُّ إلى سُقْمي لعلّك عائدي … ومِنْ عَجَبٍ أَنِّي أَحِنُّ إلى السُّقمِ
وخَيْلٍ تَمَطَّتْ بي وليلٍ كأنَّه … ترادُفُ وَفْدِ الهَمّ أو زاخِرُ اليَمِّ
شَقَقْتُ دُجاه والنُّجومُ كأنّها … قلائدُ نَظْمي أو مساعي أبي النَّجْمِ
متى جِئْتَهُ والمُعْتَفُونَ ببابِهِ … شَهِدْتَ بنُعْمى كَفِّه مَصرَعَ العُدْمِ
وَجُودٌ على العافي وذَبٌّ عن العُلى … وصَدٌّ عن الواشي وصَفْحٌ عن الجُرْمِ
ويكبُرُ قَدْرًا أنْ يُرى متكبِّرًا … ويَعْظُمُ مَجْدًا أَنْ يتيهَ مع العُظْمِ
ويكرُمُ عَدْلًا أَنْ يميلَ به الهوى … وَيشْرُفُ نَفْسًا أَنْ يَلَذَّ مع الإثْمِ
ويُوْرِدُ عن فَضْلٍ ويُصدِرُ عن نُهًى … ويَصمُتُ عن عِلْم ويَنْطِقُ عن فَهْمِ
بديهةُ رأي في رَوِيَّةِ سُؤْدَدٍ … وإقدامُ عَزْمٍ في تأيُّدِ ذي حَزْمِ
أضاءَتْ به الأوقاتُ والشمس لم تُنِرْ … ورُوِّضَتِ السَّاحات والغيث لم يَهْمِ
وشُدَّتْ أواخي المُلْكِ منه بأَوْحَدٍ … مَدَدْتَ به الآراءَ بالرَّأي والعَزْمِ (٤)
هَجَرْتُ إليكَ العالمينَ مَحَبَّةً … ومِثْلُك من يُبْتاعُ بالعُرْبِ والعُجْمِ (٥)
وقال يمدح فخر الملك أبا علي عمَّار بن محمد بن عَمَّار: [من الطويل]
هَبُوا طَيْفَكُمْ أعدى على النَّأْي مَسْراه … فَمَنْ لمَشُوقٍ أنْ يُهَوِّم جَفْناهُ
وهل يهتدي طَيْفُ الخيالِ لناحلٍ … إذا السُّقْمُ عن لَحْظِ الفوائِدِ أَخْفاهُ
(١) في (ع): ولو أن محلًا، وبه لا يتزن البيت، والمثبت من "الديوان".
(٢) القصيدة بتمامها في "ديوانه": ١٧٠ - ١٧٧، و"خريدة القصر": ١٤٥ - ١٥٢.
(٣) سلفت ترجمته في وفيات سنة (٥٠٢ هـ).
(٤) في "الديوان" و"الخريدة": بعيد عُرى العَقْدِ الوكيد من الفصم.
(٥) القصيدة بتمامها في "ديوانه": ١٤٤ - ١٥١، و"الخريدة": ٢٠١ - ٢٠٨.