من الأبدال فأبو معاويةَ الأسود (١). وذهب بصرُه [أيضًا](٢) في آخر عمره، فكان إذا أراد أن يقرأَ في المصحف، ردَّ اللهُ عليه بصره، فإذا ترك القراءةَ ذهب بصره.
[وحكى عنه ابن ماكويه الشِّيرازيُّ أنه كان] يلقط الخِرَق من المَزابل وَيرقع بها ثوبَه.
وسنذكره في سنة ثمانٍ ومئتين [وقد حكى عنه أحمد بن أبي الحَوَاري وأقرانه.]
أبو الشِّيص
[الشاعر، واسمُه] محمَّد بن رَزِين (٣).
شاعرٌ فصيح [كان يقول: قول الشعر أهونُ عليَّ من شرب الماء].
قال أبو بكر بنُ الأنباري (٤): اجتمع أبو الشِّيص ودِعْبِلٌ وأبو نُوَاس ومسلمُ بن الوليد [الملقَّبُ بصَريع الغَواني] في مجلس، فقالوا ليُنْشِدْ كلُّ واحد منا أحسنَ ما قال من الشعر، وهناك رجلٌ فقال: أنا أُخبركم بما ينشد كلُّ رجلٍ منكم، قالوا: هات، فقال لصريع الغواني مسلمِ بن الوليد: كأنِّي بك تُنشد: [من الطويل]
إذا ما عَلَت منا ذُؤابةُ واحدٍ … وما كان (٥) ذا حِلْمٍ دَعَتْه إلى الجَهْلِ
هل العَيشُ إلَّا أن تَروحَ مع الصِّبا … وتغدو صَريعَ الكأس والأَعيُنِ النُّجْل
[وقد ذكرنا أنَّ الرشيد سمَّاه صريعَ الغواني بهذا البيت] فقال: صدقت، ثم أقبل على أبي نُواسٍ وقال: كأنِّي بك وقد أنشدت: [من البسيط]
لا تبكِ ليلى ولا تطربْ إلى هند … واشربْ على الوَرْد من حمراءَ كالوردِ
تَسقيك من عَينها خَمْرًا ومن يدها … خمرًا فمالك من سُكرَين من بُدِّ (٦)
(١) قائله يحيى بن يحيى النيسابوري، كما في تاريخ دمشق ١٩/ ١٨٠، وتاريخ الإِسلام ٤/ ١٢٦٩، والعبارة فيهما: فحسين الجعفي وأبو معاوية الأسود. (٢) ما بين حاصرتين من (ب). (٣) ويقال: محمَّد بن عبد الله بن رزين، انظر الشعر والشعراء ٢/ ٨٤٣، والأغاني ١٦/ ٤٠٠، وتاريخ بغداد ٣/ ٣٩٤، والمنتظم ١٠/ ٣٣، وتاريخ الإِسلام ٤/ ١١٩٧. وما بين حاصرتين من (ب). (٤) في (ب): وحكى أبو بكر بن الأنباري قال، والمثبت من (خ)، والخبر في المنتظم. (٥) في الأغاني ١٦/ ٤٠٢: وإن كان، ورواية الديوان ص ٤٢: إذا ما علت منا ذؤابة شارب … تمشت به مشي المقيد في الوحل (٦) ديوانه ص ١٨٠.