واستقبل الناسُ عِيشةً رَغَدًا … إن تبقَ فيها لهم فقد سَعِدوا
رُزقتَ من وُدِّهم وطاعتِهمْ … ما لم يجدْه لوالدٍ وَلَد
كنتُ أرى أن ما وجدتُ من الـ … ـفرحةِ لم يلقَ مثلَه أَحَد
حتى رأيتُ العبادَ كلَّهمُ … قد وجدوا مثلَ ما له أَجِد
قد صدَّق اللهُ مادحيك فما … في قولهمْ مِريةٌ ولا فَنَد
من أبيات.
فَتْحُ بن محمدِ بن وشاح
أبو محمد، الأَزْديُّ الموصلي، الزاهدُ العابد.
قال محمدُ بن الوليد: سمعتُ فتحًا الموصلي الأزديَّ يقول في جوف الليل: ربِّ أَجعتَني وأَعريتني، وفي ظُلَم الليل أَحبستني، فبأيِّ وسيلةٍ أتوسَّل إليك حيث أَكرمتَني بهذه الكرامة. فكان يبكي ساعةً ويفرح ساعة (١).
وقال المعافى بنُ عمرانَ الموصلي: دخلتُ على فَتْح، فرأيتُه قاعدًا في الشمس وصبيَّةٌ له عُريانةٌ وابن له مريض، فقلت: ائذنْ لي حتى أكسوَ هذه الصبيَّة، قال: لا، قلت: ولم؟ قال: دعْها حتى يرى اللهُ ضرَّها وصبريَ عليها فيرحمني. قلت: فدعْني أَستدين ما أُنفقه على هذا المريض، قال: لا، اذهبْ فاجلس عند رأسِه واسمعْ ما يقول. فجلستُ عند رأسِه وقلت: حبيبي، ألا تشتهي شيئًا حتى أَحملَه إليك؟ فرفع رأسَه إلى السماء وقال: منِّي الصبرُ ومنك البلاء.
وقال أبو غسَّان المؤذِّن (٢): خرجنا حجَّاجًا، فأردنا غسلَ ثيابنا بمكَّة، فأُرشدنا إلى رجلٍ من أهل فارسَ له صلاحٌ يغسل ثيابَ الغرباءِ والفقراء بغير أجر، فأتيناه، فقال:
(١) صفة الصفوة ٤/ ١٨١، وقريب من هذا الكلام مذكور في ترجمة فتح بن سعيد الموصلي أبي نصر، المتوفى سنة ٢٢٠، وسيذكره المصنف آخر الترجمة، وانظر حلية الأولياء ٨/ ٢٩٢، وتاريخ بغداد ١٤/ ٣٦١، والسير ١٠/ ٤٨٤. (٢) في (خ): المؤدب، والمثبت من كتاب الأولياء ص ٢٦، وصفة الصفوة ٤/ ١٨٢.