قدمَ علي فقير، فقال: أريد عَصيدةً، فجرى على لساني إرادة وعصيدة، وأمرتُ بعملها، وطلبتُ الفقير فلم أجده، فقالوا: خرجَ من عندك، ولم يزل يقول: إرادةٌ وعصيدة حتى مات في البريَّة.
[ثم قال:] ودخل عليَّ يومًا فقير، فسلَّم وقال: هاهنا مكان طاهرٌ [ونظيف] يمكن الإنسان أن يموتَ فيه؟ قال: فأشرتُ إلى مكان وهناك عين ماء، فجدَّد الوضوء وصلَّى ركعتين، ثمَّ مدَّ يديه ورجليه، ثمَّ مات.
وقال: منذ مُدَّة تعرضُ عليَّ الجنَّة، فما أعيرُها طَرْفي.
وقال: لو جَمَعْتَ حكمَ الأوَّلين والآخرين، وأحوال المقرَّبين، لم تصل إلى درجات العارفين حتى يسكنَ سرُّكَ إلى رب العالمين.
[قال:] ولَمَّا احتُضر قيل له: كيف تجدك؟ فقال: اسألوا العلَّة عني، فقيل له: قل: لا إله إلا الله، فحوَّل وجهَهُ إلى الحائط وقال:[من المجتث]
أفنيتُ كلِّي بكلِّك … هذا جزا من يحبُّك (١)
ثم ماتَ رحمةُ الله عليه.
[ثم] دخلت
سنةُ ثلاث مئة
فيها ظهرَ محمدُ (٢) بن جعفر بن علي بن محمد بن (٣) موسى بن جعفر بن علي (٤) بن الحسين بن علي ﵈ في أعمال دمشق، فخرج إليه أميرُها (٥) أحمد بن كَيغَلَغ،
(١) الرسالة القشيرية ص ٤٦٤، ومناقب الأبرار ٢/ ١٤. وانظر ترجمة ممشاذ في طبقات الصوفية ص ٣١٦، وحلية الأولياء ١٠/ ٣٥٣، وطبقات الأولياء ص ٢٨٨، وغيرها. وما سلف بين حاصرتين من (ف) و (م ١). (٢) كذا في (خ) و (ف) و (م ١) والنجوم الزاهرة ٣/ ١٨٠، وتاريخ الإسلام ٦/ ٨٧٤، ووقع في مروج الذهب ٨/ ٢٧٩، وتاريخ الإسلام ٦/ ١٠٥٥: مُحسِن. ولعله الصواب. (٣) بعدها في مروج الذهب ٨/ ٢٧٩، وتاريخ الإسلام ٦/ ١٠٥٥: بن علي. (٤) في مروج الذهب ٨/ ٢٧٩، وتاريخ الإسلام ٦/ ١٠٥٥: جعفر بن محمد. (٥) لفظة: أميرها لم ترد في (م ١). وفيها نظر. فقد ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه ٢/ ٨٥ (مخطوط) في ترجمة أحمد بن كيغلغ أنه ولي إمرة دمشق أول مرة في سنة اثنتين وثلاث مئة وكان قبل ذلك قد ولي غزو الصائفة.