والعشيرة، وعدلَ إلى رجل من بني عَدِيّ بن كدب لَمَّا رآه أهلًا، وأنتُم تتَّخِذُونها هِرَقْلِيَّة! لاها اللهِ ذا.
فغضب مروان وقال: هذا الذي أنزلَ اللهُ فيه: ﴿وَالَّذِي قَال لِوَالِدَيهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ﴾ الآية (١).
قال ابنُ عساكر. وكانت عائشةُ رضوان الله عليها في الحُجرة تسمع، فقالت: كذبتَ يا مروان، إنما أنزل الله ذلك في فلان، ولو شئتُ لسمَّيتُه، ولكن أشهدُ أنَّ رسول الله ﷺ لعنَ أباك وأنتَ في صُلْبِه يومئذ (٢). يا ابنَ الزرقاء، أعلينا تتأوَّلُ القرآن؟! لو شئتُ لقلتُ قولًا يَخرج من أقطارها. فقال مروان: ما هذا بأوَّل يومِنا. ونزل من المنبر، وخاضَ الناس، وكادت أن تكون فتنة، فكتبَ مروان إلى معاوية، فأخبره الخبر (٣).
وقال ابنُ عَوْن: بايعَ الناسُ ليزيد إلا خمسةَ نَفَر: الحُسَين بن عليّ، وابن عمر، وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عباس، ﵁، فإنهم امتنعوا من البيعة ﵃ أجمعين (٤).
[ذكر قدوم معاوية المدينة]
لما كتبَ إليه مروانُ يخبرُه بما جرى، قدمَ المدينةَ معتمرًا، وذلك في رجب، فدخلَ على عائشةَ ﵂، فحمدت الله، وصلَّت على رسول الله ﷺ، وذكَرَتْ سيرةَ أبي بكر وعُمر ﵄، وحضَّتْه على الاقتداء بهما، وذكرت يزيدَ، فنالتْ منه، فقال لها معاوية: يا
(١) ينظر "مجالس ثعلب" ص ٤٥١، و"العقد الفريد" ٤/ ٣٧٠ - ٣٧١، و"الأوائل" للعسكري ١/ ٣٤٢ - ٣٤٣. (٢) الخبر بنحوه في "السنن الكبرى" للنسائي (١١٤٢٧) (تفسير)، و"المستدرك" ٤/ ٤٨١، وصححه الحاكم، فتعقّبه الذهبي بأن إسناده منقطع. وهو بنحوه في "صحيح" البخاري (٤٨٢٧) دون ذكر اللعن، وذكره الزركشي في "الإجابة لإيراد ما استدركته السيدة عائشة على الصحابة" ص ٢٣٣. وينظر "تاريخ دمشق" ٤/ ٣٣١ - ٣٤ (طبعة مجمع دمشق، ترجمة عبد الرحمن بن أبي بكر). (٣) ينظر "تاريخ دمشق" (المذكور قبله). ووقع في "العقد الفريد" ٤/ ٣٧١ قوله: يا ابن الزرقاء … من قول عبد الرحمن. (٤) ينظر "تاريخ" الطبري ٥/ ٣٠٣.