وقال الزُّبير بن بكَّار: كانت أمُّ مِحْجَن عند نُصَيب، وكانت سوداء، فلما أثْرَى تزوَّجَ بيضاءَ، فغارَتْ أمُّ محجن، فقال لها:[يا أمَّ محجن] واللهِ ما مثلي مَنْ يُغار عليه، وما أحدٌ أكرمَ عليَّ منك.
ثم قال لها بعد مدَّة: أريد أن أجمعَ بينكما لإصلاح ذات البين ولمِّ الشَّعَث. فقالت: افعل. فأعطاها دينارًا وقال لها: ازدادي لها به ضيافة لئلا ترى بكِ خَصَاصة، وأعطى الجديدة دينارًا وقال: أصلحي لها به ضيافة (١)، ولا تقولي إنه من عندي.
ثم قال لصاحب له: إذا اجتمعنا فقل لي: أمْا أحبُّ إليك من زوجَتَيك؟ ثم اجتمعا، فسأله الرجل، فقال: صاحبةُ الدينار. وكانا خلف السّتر، فظنَّتْ كلُّ واحدة أنَّه عناها، فرضيتا (٢).
ونُصيب من شعراء الحماسة، فمن شعره:
كأنَّ القلبَ ليلةَ قيلَ يُغْدَى … بليلى العامريَّةِ أو يُراحُ
قَطاةٌ عَزَّها شَرَك (٣) فباتَتْ … تُجاذبُه وقد عَلِقَ الجناحُ
لها فرخانِ قد تُرِكا بوَكْرٍ … فعشُّهما تُصَفِّقُهُ الرِّياحُ
إذا سمعا هبوب الرِّيح نَصَّا (٤) … وقد أَوْدَى به (٥) القَدَرُ المتاحُ
فلا (٦) في الليل نالتْ ما تَمَنَّتْ … ولا في الصبح كان لها بَرَاحُ (٧)
[السنة التاسعة بعد المئة]
فيها غزا معاوية بن هشام الروم، ففتح حصنًا يقال له: الطينة (٨).
(١) في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٥٦٢: أهْدِي لها به. (٢) الخبر في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٥٦٢، و"المنتظم" ٧/ ١٣٥، وسياقتُه فيهما أجود. (٣) عزَّها، أي: غلبها، والشَّرَك: حِبالة الصَّيد. (٤) أي: نصبا أعناقهما. "شرح الحماسة" للتبريزي ٣/ ١٥١. (٥) في (خ) (والكلام منها): بها. والمثبت من المصدر السابق. (٦) في (خ): فما. والمثبت من المصدر السابق. (٧) شرح الحماسة للتبريزي ٣/ ١٥١. ونُسب البيتان الأولان في "الأغاني" ٢/ ٦٢ و ٨٩ لمجنون ليلى، ونُسب في "ديوان المعاني" ١/ ٢٧٥ لقيس بن ذريح. ومن قوله: ونُصيب من شعراء الحماسة … إلخ، ليس في (ص). (٨) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٦، و"الكامل" ٥/ ١٤٥: طيبة.