وقال سِماك بن حَرْبٍ: سمعتُ النعمانَ بن بشيرٍ يخطبُ، قال: ذكر عمرُ بن الخطاب ما أصابَ الناسُ من الدُّنيا، فقال: لقد رأيتُ رسولَ الله ﷺ يَظلُّ اليومَ يتلَوّى لا يجد دَقَلًا يَملأُ به بطنَهُ (١).
وأما قصر أَملِه ﷺ فقال ابنُ عباسٍ ﵄: إنَّ رسولَ الله ﷺ كان يَخرجُ يهريقُ الماءَ، فيتمسَّح بالترابِ. فأقول: يا رسولَ الله، الماء منكَ قريبٌ، فيقول:"وما يُدريني، لعلَّي لا أبلُغُه"(٢).
فصل في ذكر الصدقةِ وتحريمها عليه ﷺ -:
قال عبد الملك بن المغيرة: قال رسولُ الله ﷺ: "يا بَني عبدِ المطَّلِبِ، إنَّ الصَّدقةَ أوساخُ الناسِ، فلا تَأكُلوها، وإنَّ اللهَ كَرِه لكُم غُسالةَ أَيدي الناسِ، وعوَّضَكُم عنها الخُمسَ"(٣).
وقال أنس: إنْ كانَ رسولُ اللهِ ﷺ لَيصيبُ التَّمرةَ فيقول: "لَولا أنَّي أَخشى أن تكونَ من تمرِ الصدقةِ لأَكَلتُها". أخرجاه (٤).
وقال أبو هريرة: قال رسولُ الله ﷺ: "والله إنَّي لأَنقَلِبُ إلى أَهلي، فأجدُ التَّمرةَ ساقطةً على فِراشي، أو في بَيتِي فأَرْفَعُها لآكُلَها، ثم أخشَى أن تكونَ من تمرِ الصدقةِ فأُلقِيها". متفق عليه (٥).
وقال أبو هريرة: أخذَ الحسنُ بن عليٍّ تمرةً من تمرِ الصدقةِ، فجعلها في فِيه، فقال النبيُّ ﷺ:"كَخْ كَخْ" ليطرحها، ثم قال:"أَما شَعرتَ أنَّا لا نأكُلُ الصَّدقةَ". متفق عليه (٦).
وعن أبي هريرة قال: كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا أُتي بطعامٍ سأَلَ عنه: "أَهديةٌ هو أَم صدقةٌ؟ " فإن قالوا: هديةٌ، أكلَ منه، وإن قالوا: صدقةٌ، لم يَأكُل، وأمرَ أصحابَه أن يأكُلوا منه (٧).
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٥٣). (٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٦١٤). (٣) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ١/ ٣٣٦. (٤) أخرجه البخاري (٢٤٣١)، ومسلم (١٠٧١). (٥) أخرجه البخاري (٢٤٣٢)، ومسلم (١٠٧٠). (٦) أخرجه البخاري (٣٠٧٢)، ومسلم (١٠٦٩). (٧) أخرجه البخاري (٢٥٧٦)، ومسلم (١٠٧٧).