في بداية المرض [وما اعتراه من الألم، اتفقوا على أن ابتداءه المرض لليلتين خلتا من صفر كما حكينا عن الواقدي وغيره، وحكى الطبري أنه ابتدأ به في المحرم (١). وهو وهم.
[ذكر استغفاره ﷺ لأهل البقيع]
قال هشام بن محمد، عن أبيه: وقيل قبل وفاته بليال استغفر لأهل البقيع.
فقال ابن سعد: حدثنا الواقدي بإسناده عن] أبي مُوَيهبة قال: قال لي رسول الله ﷺ: "إنِّي قد أُمرتُ أن أَستغفرَ لأهلِ البَقيعِ، فانْطَلِق معي" فانطلقنا ليلًا، فاستَغفَر لأهلِه، فقال:"السَّلام عليكم يا أَهلَ المقابِرِ، لِيَهْنِكُم ما أنتُم فيه مِمَّا النَّاس فيه، جاءَت الفِتَنُ كقِطَع اللَّيل المُظلمِ يَركَبُ بعضُها بعضًا، الآخرة شَرٌّ مِن الأُولى" ثم قال: "يا أَبا مُويهبة، إنَّ اللهَ خيَّرني بينَ لِقائهِ والجنَّة، وبين مَفاتيحِ كنوزِ الدنيا والخُلدِ فيها والجنَّة، فاخترتُ لقاءَه في الجنَّةِ" قال أبو مُوَيهبة: فقلت: بأبي أنت وأمي، فخذ مَفاتيح خزائن الدنيا والخُلد فيها ثم الجنة، فقال:"لقد اختَرتُ لقاءَ ربِّي" ثم انصرف، فلما أصبح ابتدأ بوجَعه الذي قَبَضه الله فيه (٢)، [فمكث سبعًا أو ثمانيًا.
وقال ابن إسحاق: وكان أول ما ابتدأ به مرضه أنه خرج إلى بقيع الغرقد من جوف الليل، فاستغفر لأهله، فلما أصبح ابتدأ به الوجع من يومه ذلك (٣).
وقال ابن إسحاق بإسناده عن] عائشة ﵂ قالت: دخل علي رسول الله ﷺ وهو يُصدَع، وأنا أَشتكي رأسي، فقلت: وَارَأساهُ، فقال:"بَل أَنا يا عائشةُ وارَأسَاهُ"، ثم قال:"وما عليك لو متَّ قَبلي تَولَّيتُ أمركِ، وصلَّيتُ عليكِ، ووَاريتُكِ" فقلت: والله إني لأحسبُ لو كان ذلك لقد خلوت ببعضِ نسائك في بَيتي في آخر النَّهارِ فأَعْرَست
(١) "تاريخ الطبري" ٣/ ١٨٥. (٢) "الطبقات" ٢/ ١٨٢، وأخرجه أحمد في "مسنده" (١٥٩٩٧)، وما بين معقوفين زيادة من (ك)، وما يأتي منها ولن أشير إليه. (٣) "السيرة" ٢/ ٦٤٢.