لم أَبْكِ أطلالكَ لكنَّني … بكيتُ عيشًا فيك إذ ولَّى
قد كان لي فيك هوىً مرَّةً … غيَّبه التُّربُ وما مُلَّا
والعيشُ أَوْلى ما بكاه الفتى … لا بدَّ للمحزون أن يَسْلَى (١)
واسمُ هذه الجاريةِ مُراد، وكانت شاعرةً فصيحةً رئيسة، فقالت:[من المجتث]
هل مُسْعِدٌ لبكائي … بعَبرةٍ (٢) أو دماءِ
وذاك منِّي قليلٌ … لسيِّد النُّجبَاء
أبكيتهمْ (٣) في صباحي … بلَوعتي ومسائي
[وفيها توفِّي]
عَمرُو بن مَسعدةَ
ابنِ سعيد بن صُوْل أبو الفضل الصُّولي. أحدُ كتَّاب المأمون وخاصَّتِه.
[وقال الخطيب:](٤) كان له ببغدادَ فوق الجسرِ ساباطٌ يُعرف به، وكان جوادًا ممدَّحًا فاضلًا رئيسًا نبيلًا جليلًا، ذا مروءةٍ ظاهرةٍ، وفيه يقول الشاعر (٥): [من الطويل]
لَشتَّانَ بين المدَّعين وزارةً … وبين الوزيرِ الحقِّ عَمرِو بن مَسعَدهْ
فهمُّهمُ في الناس أن يَجبَهوهمُ … وهمُّ أبي الفضلِ اصطناعٌ ومَحمدَه
قال عَمرو بن مَسعدة: كنت مُصعدًا من واسط إلى بغدادَ في حرٍّ شديد، فبينا أنا في الزلَّال (٦)، إذا برجلٍ ينادي: يا صاحبَ الزلَّال، بنعمة اللهِ عليك إلَّا نظرتَ إليّ،
(١) الأغاني ٧/ ٣٠٢ - ٣٠٣، وتاريخ دمشق ٥٢/ ٢٣ وليس فيه البيت الأخير. (٢) في (خ): بعبر: والمثبت من الأغاني ٧/ ٣٠٣، وتاريخ دمشق ٥٢/ ٢٣، وتحرفت في مطبوع الإماء الشواعر للأصفهاني ص ٨٨ إلى: بعرة!!. (٣) في الأغاني وتاريخ دمشق والإماء: أبكيهم. (٤) في تاريخه ١٤/ ١١٢. وما بين حاصرتين من (ب). (٥) هو عمرو بن أبي بكر العدوي القرشي، كما في معجم الشعراء للمرزباني ص ٣٤ - ٣٥. (٦) في (خ): الزلازل، في المواضع كلها والمثبت من الفرج بعد الشدة ٣/ ٣١٤، والمنتظم ١١/ ١٠، والزلَّال: ضرب من السفن الصغيرة والسريعة، كانت معروفة بنهاية العصر العباسي، ورد ذكرها في بعض المصادر بلفظ: زلّالة. معجم المصطلحات والألقاب التاريخية لمصطفى الخطيب ص ٢٢٣.