رحل في طلب الحديث، ولقي الشيوخ، وكان زاهدًا مُتعبّدًا، صامَ نيفًا وثلاثين سنةً، وتصدق بألوفٍ سرًّا وعلانية.
[وذكره الحاكم أبو عبد الله في "تاريخ نيسابور" وأثنى عليه. وقال الحاكم: سمعت أبا حامد بن محمد المغربي (٢) يقول:] وقف سائل [على أبي عمرو الخَفّاف](٣)، فأمرَ له بدرهمين، فقال الرجل: الحمدُ لله، فقال لصاحبه: اجعلها خمسة، فقال الرجل: اللهم لك الحمد، فقال: زده خمسة، فلم يزل الرجل يحمدُ الله وهو يزيده (٤) حتى بلغ مئة درهم، فقال الرجل: جعل الله عليك واقيةً باقيةً (٥)، فقال أبو عمرو: والله لو لم يرجع من الحمد إلى غيره لبلغت عشرةَ آلاف درهم.
[قلت: وإمامه في هذا عمر بن عبد العزيز ﵁، لما جاءته تلك المرأة من العراق، وقالت: لي خمسُ بنات كسلٌ كسد، فقال لها: سمِّي الأولى، ففرضَ لها، وهي تحمدُ الله، وسمت الثانيةَ والثالثة، وهو يفرضُ لهنَّ، فلما ذكرت الرابعة دعت له (٦)، فرمى بالقلم، وقال: مري بناتِك يُفِضْن عليها، فإني لا أفرضُ لها، قالت: ولم؟ قال: لأنِّي كنتُ أفرض لهنَّ لمَّا كنتِ تقولين الحمدَ لمستحقِّه، أمَّا إذا أفضتِ الأمر إليَّ فلا.
وقد ذكرناه في سيرة عمر بن عبد العزيز ﵁.
وكانت وفاة] أحمد (٧)[بن نصر] في شعبان.
(١) في (خ) و (ف) و (م ١): إسماعيل. وهو خطأ. والتصويب من المنتظم ١٣/ ١٢٤، وسير أعلام النبلاء ١٣/ ٥٦٠، وتاريخ الإسلام ٦/ ٨٩٨. (٢) كذا في (ف) و (م ١). وفي المنتظم ١٣/ ١٢٥: المقرئ. (٣) ما بين حاصرتين من (ف) و (م ١). وفي (خ): وقف عليه سائل. (٤) بعدها في (خ): خمسة. (٥) كذا في (خ) والمنتظم ١٣/ ١٢٥، وفي (ف) و (م): ماقية. ولعلها بمعنى: صائنة. فقد جاء في اللسان (مقا): امْقِه مقيتَك مالَك، وامْقُه مقْوَك مالك، ومُقاوتك مالك، أي: صنه صيانتك مالك. (٦) الصواب: أنه فرض للأربعة، فلما ذكرت الخامسة دعت له. (٧) ما بين حاصرتين من (ف) و (م ١). وفي (خ): وتوفي أحمد.