فإن قيل: فقد كان الله قادرًا على إحيائه من غير ضرب ببعضها، قلنا: فيه إظهار المعجزة دون الشعبذة، وإكرامًا للبارّ بوالديه (١).
[فصل في مغازيه]
قال علماء السير: حارب موسى الكنعانيين واليونان والأمم الكافرة وأباد من كان بالشام منهم، وبعث بعثًا إلى الحجاز فقتلوا العمالقة، وكان ملكهم يقال له: الأَرْقَم، بحصن تيماء وَيثْرِب، وأسروا ابنًا له شابًا لم يرَ الناس أحسن منه فلم تَطِبْ نفوسهم أن يقتلوه، وقالوا: نقدم به على موسى فيرى فيه رأيه، فاستقبلهم الناس بوفاة موسى فمنعهم بنو إسرائيل أن يدخلوا الشام وقالوا: أمركم موسى أن لا تستبقوا كافرًا وقد أبقيتم هذا، فعادت تلك الطائفة - وهم من بني إسرائيل- إلى الحجاز، وسكنوا خَيبر وَيثرِب وتَيماء، واتخذوا يَثْرِب مزارع، فبنُو قريظة والنَّضير منهم وكذا بنو الكاهن، والكاهن ابن هارون بن عمران، والكاهن: العالم.
[فصل في اجتماع موسى بالخضر ﵉]
قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (٦٠)﴾ [الكهف: ٦٠] الآيات.
اختلفوا في فتاه (٢):
قال ابن عباس: هو يوشع بن نون، وإنما سمِّيَ فتاه لأنه كان يلازمه ويخدمه ويستفيد منه العلم.
وقال مقاتل: فتاه هو أخو يوشع بن نون.
وقال الكلبي: فتاه عبده. والأول أصح.
(١) انظر "عرائس المجالس" ص ٢٣٤ - ٢٣٥. (٢) انظر في هذا وفيما سيرد: تفسير الطبري ١٥/ ٣٠٨، والثعلبى ٦/ ١٨٠، وعرائس المجالس ٢١٩، وزاد المسير ٥/ ١٦١.