ودعا ليبون بالأطباء، فنظروا إلى جراحاته، فقالوا: قد أَنْفَذَت مقاتلَه. فقال: هل من حاجة؟ قال: نعم، تأمرُ من ثبت معي من المسلمين يَتَولَّوْا أمري ودفني، وتُخْلِيَ سبيلَ مَنْ ثبتَ معي. فقال: نعم. ووفَىَ له (١).
[أبو عمران عبد الملك بن حبيب]
الجَوْنيّ، من الطَّبقة الثالثة من التابعين من أهل الكوفة (٢)، وكان من الخائفين المتعبِّدين.
[قال ابن سعد (٣): كان] ثِقَة كثير الحديث.
وكان إذا سمعَ (٤) صوتَ المؤذِّن؛ تغيَّر لونُه، وفاضَتْ عيناه. [وكان يقصُّ على النَّاس ويبكي.
قال: وكان يقول في قَصصه: لا يغرنَّكم مِن ربِّكم طولُ الأمل، فإنَّ أخذه أليم شديد (٥)، وحتى متى تبقى وجوه أوليائه تحت أطباق الثرى، وإنما هم يحبسون ببقية آجالكم حتَّى تُبعثون جميعًا.
وقال: وعظ موسى يومًا، فشقَّ رجلٌ ثيابَهُ، فأوحى الله تعالى إلى موسى: قُلْ للرجل صاحب القميص: لا يشقُّ قميصه، ولكن ليشقَّ لي عن قلبه.
وقال: تصعدُ الملائكةُ إلى الله بالأعمال، فينادي المَلَكَ: ألقِ تلك الصحيفةَ -أو الصحائف- فيقول: يَا ربّ، قالوا خيرًا -أو عملوا- وحفظناه عليهم، فيقول الله: لم
(١) الخبر في المصدر السابق من أكثر من رواية. (٢) كذا في النسخ الأربعة، وهو خطأ، والصواب: البصرة، كما في "طبقات" ابن سعد ٩/ ٢٣٧، و"صفة الصفوة" ٣/ ٢٦٤ وذكره خليفة في "طبقاته" ص ٢١٥ في الطَّبقة الرابعة من أهل اليمن. (٣) في "الطبقات الكبرى" ٩/ ٢٣٧. وهذا الكلام بين حاصرتين من (ص). (٤) في (ص): وقال النوري (كذا): كان إذا سمع … إلخ. ولم أعرفه. ولعله محرَّف. والخبر في "المنتظم" ٧/ ٢٢٣، و"صفة الصفوة" ٣/ ٢٦٤ عن الحارث بن سعيد. (٥) قوله: فإن أخذه أليم شديد، اقتباس من الآية (١٠٢) من سورة هود.