زُمَّتْ ركابِّهُمُ فلمَّا ودَّعوا … رفعوا على الأجمال كلَّ جَمالِ
فَجَرَتْ دموعٌ في خدودٍ خلْتُها الـ … ـياقوتَ قد نُثِرَتْ عليه لآلي
وتفرَّقَ الشَّمْلُ المَصُونُ وقبلَ ذا … لم يخطُرِ البَينُ المُشِتُّ ببالي (٢)
نَصر بن منصور بن الحسين (٣)
ابن أحمد، أبو القاسم، الحَرَّاني، والد ظهير الدِّين أُستاذ دار المستضيئ.
ولد بحرَّان سنة أربعٍ وثمانين [وأربع مئة](٤)، وكان تاجرًا، كثير المال، غزيرَ النَّوال، قارئًا للقرآن، محافظًا على الجماعات، يكسو العُراة، ويَفُكُّ الأسارى، ويَبَرُّ العلماء والفُقَراء، ويتفقَّدُ أربابَ البيوت، ويسمعُ الحديث، ويزور الصالحين، [وكان خِصِّيصًا بجدِّي ﵀، ويحسن إليه](٤)، ومات ببغداد.
[وله وقائع ذكر جدِّي في "المنتظم" منها واقعة، فقال: حدثني (٥)] أبو محمد العُكْبري: رأيتُ النَّبيَّ ﷺ في المنام: فقلتُ: يا رسولَ الله، امسح بيدك على عيني، فإنَّها تؤلمني. فقال: اذهب إلى نَصر بن العَطَّار يمسح على عينك. فقلتُ في نفسي: أَدَعُ رسولَ الله ﷺ، وأمضي إلى رجلٍ من أبناء الدُّنْيا! وعاوَدْتُه القولَ، وقلتُ: يا رسول الله، امسح على عيني. فقال لي: أما سَمِعْتَ الحديث "إنَّ الصدقة لتقع بيد الله قبل أن تقع بيد السَّائل (٦) " وهذا نَصرٌ قد صافحت يدُه يدَ الحق، فامضِ إليه، [قال](٤): فانتبهتُ، ومضيتُ إليه، فلما رآني قام
(١) له ترجمة في "خريدة القصر": قسم شعراء العراق: ١/ ٣٠٨ - ٣١١. (٢) الأبيات في "الخريدة": ١/ ٣٠٩. (٣) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ١٨٣، وهو في "المنتظم": نصر بن منصور بن الحسن. (٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٥) في (ع) و (ح): ومات ببغداد، قال أبو محمد العكبري … والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش). (٦) أخرجه أبو نعيم في "الحلية": ٤/ ٨١ عن طريق عمرو بن الحصين العقيلي عن ابن علاثة، عن ثور، عن وهب بن منبه، عن كعب، عن فضالة بن عبيد مرفوعًا، وقال أبو نعيم: غريب من حديث وهب بن منبه لم نكتبه إلا من حديث ابن علاثة عن ثور. قلت: عمرو بن الحصين متروك الحديث.