تراها على هامِ الرجال كأنَّها … دنانُ يهودٍ جُلِّلت بالبرانسِ
وقد ذكرنا البيتين في سنة ثلاث وخمسين ومئة (١).
وقال الأصمعي: اشترى أبو دلامة جارية بألفي دينار، ولم يكن معه ثمنُها، فكتبَ إلى العباس بن أبي جعفر المنصور أبياتًا يتقاضاه بثمنها، منها ما يقول: [من البسيط]
أبصرتُ جارية محجوبةً لهمُ … تطلَّعت من أعالي [القصر] ذي الشُّرفِ
قالوا لك الخيرُ ما أبصرتَ قُلت لهم … حبيبةً (٢) أقصدتني من بني خَلَفِ
فقام شيخٌ دهي (٣) من تِجارهم … قد طالما خدعَ الأقوامَ بالحَلِفِ
فابتاعها في بألفي أحمر فغدا … بها إلي وألقاها على كتفِي
بتنا كذلك حتى جاءَ صاحبُها … يبغي الدنانيرَ بالميزان ذي الكَفَفِ
فإنْ تصلنِي قضيتُ القومَ حقَّهم … وإن تقل لا فحقُّ القومِ في تَلَفِ
فبعثَ إليه العباسُ بألفي دينار.
وأبو دلامة هو الذي قالتْ له أمُّ سلمة امرأة أبي العباس السفاح: يا أبا دلامة، ما حزنَ على أمير المؤمنين أحدٌ مثلي ومثلك، فقال: يا ستِّي، أنت لك منه أولاد، وأنا ما لي منه ولد، فضحكَتْ، ولم تكن ضحكت قبل ذلك. وقد ذكر ذلك.
وقال الهيثم: ماتَ أبو دلامة في هذه السنة، ويقال: إنَّه عاش إلى أيَّام هارون الرشيد. انتهى.
[سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري]
ذكرهُ ابنُ سعد في أوَّل الطبقةِ السادسة من أهل الكوفة، ويكنَى أبا عبد الله.
[قال] (٤): وقال محمد بن عمر: وُلدَ سنة سبعٍ وتسعين في خلافة سليمانَ بن عبد
(١) ص ٢٤٢ من هذا الجزء.
(٢) في العقد الفريد ١/ ٢٦٥: جَنِيَّةً.
(٣) في الأغاني ١٠/ ٢٦٧، والعقد الفريد ١/ ٢٦٥: بهيٌّ. وما بين حاصرتين منهما.
(٤) ما بين حاصرتين زيادة يقتضيها السياق، انظر طبقات ابن سعد ٨/ ٤٩٢.