محمد بن بختيار بن عبد الله (١)
أبو عبد الله الأبله الشَّاعر، وإنَّما سُمِّي الأبله لذكائه، [وهو من الأضداد] (٢)، كان خبيثَ اللِّسان، هَجَّاء، [(٣) هجا أباه وأمه وأخاه، وقد ذكرناه في ترجمة الوزير (٤) وقد ذكره أبو المعالي الكتبي في "ملح الملح"، وقال: من شعره في رجل كفل يتيمًا، وكان منهومًا بالغِلْمان]: [من مجزوء الكامل]
يا ذا الذي كَفَلَ اليتيـ … ـــــــــمَ وقَصْدُه كِفْلُ اليتيمِ
إن كنتَ تَطْمَعُ في النَّعيـ … ــــمِ فقد حَصَلْتَ على الجحيمِ
[ذكر واقعة عجيبة جرت له] (٢):
كان الأبله يصحب حاجب الباب ابن الدوامي ويمدحه، خَرَجَ معه إلى بُسْتان بباب مُحَوِّل، وكانت ليلة مُقْمرة [(٥) فأخذ ينشد لابن الدوامي قصائد، منها]: [من المديد]
زار من أحيا بزَوْرته … والدُّجى في لون طُرَّتِهِ
قمرٌ يثني معانِقُهُ … بانةً في ثِنْي بُرْدَتِهِ
يا لها من زَوْرَةٍ قَصُرَتْ … فأماتتْ طُولَ جَفْوَتِهِ
بتُّ أستجلي المُدام على … غِرَّة الواشي وغُرَّتِهِ
حين حلَّتْ عَقْدَ مُصْطبري … عُقَدٌ من سحر مُقْلَتِهِ
فلما أنهاها قال له ابنُ الدوامي: يا حُجَّة العرب، هذه القصيدة لك؟ فقال: نعم. فصاح صائحٌ من داخل البُسْتان: يكذب، ما هي له. فخاف ابنُ الدوامي وغِلْمانُه، وقاموا إلى الباب وهو مُغْلق، فطافوا البُسْتان، فلم يَرَوْا أحدًا، فعادوا وجلسوا، فقال له ابنُ الدوامي: أنشدنا أخرى، وأنشده، فقال له: هذه لك؟ قال: نعم. فصاح ذلك الصَّوت بعينه: يكذب، ما هي
(١) له ترجمة في "الكامل": ١١/ ٥٠٣، و"كتاب الروضتين": ٣/ ٢٠٢، و"وفيات الأعيان": ٤/ ٤٦٣ - ٤٦٥، و"الوافي بالوفيات": ٢/ ٢٤٤ - ٢٤٦.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) في (ح): ومن شعره في رجل كفل يتيمًا، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) يعني ابن هبيرة.
(٥) في (ح): فأنشده، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).