قال بكر: ورُددت إلى الحبس، ولم أعلمْ بموته، وأقمت أتوقَّع القتل، فبينا أنا كذلك، إذ بعث إليَّ أبو العتاهيةِ غلامَه وقد كتب في راحته:[من مجزوء الوافر]
هي الأيامُ والعِبَرُ … وأمرُ الله ينتظرِ
أَتيأسُ أنْ ترى فَرَجًا … فأين اللهُ والقَدَر
فلا تجزع وإنْ عَظُم الـ … بلاءْ ومسَّك الضَّرر (١)
قال: فوثقتُ بالله وقَوِيَت نفسي، ثم سمعت واعية، وإذا بالفضل بنِ الربيع قد دخل عليَّ وقال: قم، فقمتُ معه، فأَدخلني على هارونَ وهو مسجًّى، فكشف عن وجهه، فإذا هو ميِّت، فقال: هاتِ الكتب، فأخرجتها من صناديقِ المطبخ، وخلع عليّ، وعدتُ إلى بغدادَ بالأَجوبة.
الباب السادس في خلافة محمَّد بن هارونَ
ابن [محمَّد بن عبد اللهِ بن محمَّد بن](٢) علي بن عبد الله بن عباس. ويلقَّب بالأمين على دِين الله، ويُكنى أبا موسى، وقيل: أبا عبدِ الله.
وليس في الخلفاء مَن اسمُه محمَّد (٣) بن هارون سوى ثلاثة: هذا، وأخوه المعتصم، والمهتدي. وليس في الخلفاء مَن أبوه وأمه هاشميان سوى عليّ بن أبي طالبٍ رضوانُ الله عليه والأمين.
[وقال الصولي:](٤) وفيه يقول أبو الهول الحِميَري: [من الكامل]
مَلِكٌ أبوه وأمُّه من نبعةٍ … منها سراجُ الأمَّةِ الوهَّاجُ
شربوا بمكَّةَ في ذُرى بطحائها … ماءَ النبوَّة ليس فيهِ مِزاج (٥)
وأمُّه زُبيدة، وكُنيتها أمُّ جعفر، وهي بنتُ جعفر بن أبي جعفر المنصور، ولقِّبت
(١) لم يذكر التنوخي البيت الثالث، ولا هو في الديوان ص ٥٣٨. (٢) ما بين حاصرتين من (ب). (٣) لفظة: محمد، ليست في (ب). (٤) ما بين حاصرتين من (ب). (٥) الأوائل للعسكري ١/ ٢٨٥، والوافي بالوفيات ٥/ ١٣٩.