وفَدَتْ عليه متظلِّمةً من مروان بن الحَكَم؛ حبس غلامًا، هي جدَّتُه، فدخلَتْ عليه فقال: مَنْ أنتِ؟ فانتسبَتْ له، فعرفَها، فقال: ما الذي أقْدَمَكِ علينا اليوم، وبالأمسِ تشتميننا، وتُحرِّضين علينا عدوَّنا؟ فقالت: إنَّ لبني عبد مناف أخلاقًا طاهرة، لا يجهلون بعد علم، ولا يَسْفَهون بعد حِلْم، وإنَّ أولى [الناس] باتِّباع ما سنَّه آباؤه لأنتَ. فقال: أنسيتِ قولكِ:
يا آلَ مَذْحِجَ لا مُقامَ فشَمِّرُوا … إنَّ العدوَّ لآل أحمدَ يرصُدُ (١)
هذا عليٌّ كالهلالِ تحفُّهُ … وَسْطَ السماء من الكواكب أَسْعُدُ (٢)
فقالت: يا معاوية، واللهِ ما أورثك الشنآن في قلوب المسلمين إلا هذا وأمثالُه، فادْحَضْ مقامَهم، وأبْعِدْ منزلتهم عنك تزدَدْ من الله قُرْبًا ومن المسلمين حُبًّا، كان أَميرُ المؤمنين أحبَّ إلينا منكَ، وأنْتَ أحبُّ إلينا من غيرك. قال: مِمَّنْ؟ قالت: من مروان
(١) في "العقد الفريد" ٢/ ١٠٩، و"تاريخ دمشق" ص ٥٢٠: يقصدُ. (٢) يعني سُعود النجوم، وهي عدة كواكب يقال لكل واحد منها سَعْد، منها سَعْد الذابح، وسَعْد بَلَع، وسعد السعود، وسعد الأخبية. ينظر "القاموس". (٣) في "العقد الفريد" ٢/ ١٠٩: بالنور، بدل: فاليوم. وجاء الشطر الثاني للبيت في "تاريخ دمشق" ص ٥٣١: وكفى بذلك في العدوّ تهدُّدُ. (٤) في (ب) و (خ): أبا تراب، ولا يتَّزن به البيت، والمثبت من المصدرين السابقين. (٥) في (ب) و (خ): فلن يغرك … فالحق (؟) والمثبت من المصدرين السابقين. (٦) في (ب) و (خ): لنا. والمثبت من المصدرين السابقين. (٧) في (ب) و (خ): وصيَّا. والمثبت من المصدرين السابقين. (٨) في (ب) و (خ): ليومك. والمثبت من المصدرين السابقين. (٩) في "تاريخ دمشق": نمدح.