وكتب الحجَّاج إلى عبد الملك: الحمدُ للهِ الذي حفظَ أمير المؤمنين في سلطانه، وجعلَ دائرةَ السَّوْء على مَنْ خالفه، أخْبِره أنَّ أهلَ العراق نهبُوا خزائني وأموالي، ودخلوا فسطاطي ومتاعي، وقالوا: اخْرُجْ من بلادنا إلى مَنْ بعثَك إلينا، ففارقَني البعيد، وأَسْلَمَني القريب، وقلاني الصديق، وغَصَصْتُ بالرِّيق، فلقيتُهم بأهلي وخاصَّتي ومن أطاعني، وقلت: الموتُ تحتَ أطراف الأَسَل (٣) خير من الحياة في ذُلّ، وأُخْبِرُه بقتلِ ابن الجارود وأصحابه.
فكتب إليه عبد الملك: أنت الأمينُ على الغيب، القليلُ العيب، فإنْ رابَك منهم شيء فاقتُلْ أدناهم يَرْعَبْ منك أقصاهم، والسلام (٤).
[وقد ذكرنا الجارود فيما تقدَّم، واسمه بشر بن عموو بن حنش بن المعلَّى، وكان نصرانيًّا، والجارود لقب له].
وقُتل مع ابن الجاوود عبدُ الله بنُ أنس بنِ مالك الأنصاري، وكان شجاعًا، فلما عاد الحجَّاج إلى البصرة استصفى أموال أنس وقال: ما أُراه إلا يعين علينا.
[وسنذكر القصة فيما بعد إن شاء الله تعالى].
[ذكر] قصة عبد الله بنِ فَضَالة
[ذكر هشام والهيثم وابن أبي الدنيا قالوا:] نادى منادي الحجَّاج يوم رُسْتَقَاباذ: أمِنَ الناسُ كلّهم إلا أربعةً: عبدَ الله بنَ الجارود، وعبدَ الله بنَ فَضَالة، وعكرمة بنَ رِبْعيّ، وعُبيدَ الله بنَ زياد بن ظَبْيان.
(١) سهمٌ غربٌ، وسهمُ غَرْبٍ: لا يُدرى راميه. (٢) الذي في "أنساب الأشراف" ٦/ ٤٠٥ - ٤٠٦ أن الهُذَيل لم يُقتل في هذه الواقعة، وإنما أتي به وبعبد الله بن حكيم بعدها إلى الحجاج فقتلهما. (٣) يعني النَّبْل والرماح. (٤) بنحوه في "أنساب الأشراف" ٦/ ٤٠٧. وما سلف وسيرد بين حاصرتين من (ص).