فقال له: صدقت، ثم أقبل على دِعْبلٍ فقال: كأنِّي بك تنشد: [من الكامل]
أين الشَّبابُ وأيَّةً سَلَكا … لا أينَ يُطلَب ضَلَّ بل هَلَكا
لا تَعجَبي يا سَلْمُ من رجلٍ … ضَحك المَشيبُ برأسه فبكى (١)
فقال: صدقت، ثم أقبل على أبي الشِّيص وقال: كأنِّي بك تنشد: [من الكامل]
لا تُنكري صَدِّي ولا إعراضي … ليس المُقِلُّ عن الزمان براضي (٢)
فقال أبو الشِّيص: لا، ما أردتُ هذا، ولا هذا أجود شعرٍ قلت، قالوا: فأنشدنا ما بدا لك، فأنشدهم: [من الكامل]
وقف الهوى بي حيثُ أنتِ فليس لي … مُتأخَّرٌ عنه ولا مُتَقَدَّمُ
أجِدُ المَلامةَ في هَواكِ لَذيذةً … حُبًّا لذِكرك فلْيَلُمْني اللُّوَّم
أشبَهْتِ أعدائي فصرتُ أُحبُّهمْ … إذ كان حظِّي منكِ حظِّي منهمُ
وأهَنْتِني فأهَنْتُ نفسي صاغِرًا … ما مَن يَهونُ عليكِ ممَّن يُكرَم
فقال الجماعة: أحسنتَ واللهِ وأجدْتَ، وتوفِّي وقد ذهب بصرُه رحمةُ الله عليه.
وَكيع بن الجَرَّاح
ابن مَليح بن عَدي، أبو سفيان الرُّؤاسي (٣).
[ذكره ابنُ سعد] في الطبقة السابعة من أهل الكوفة [ونسبه فقال: وكيع بن الجراح بن مَليح بن عديِّ بن الفرس بن سفيانَ بنِ الحارث بنِ عَمرو بن عُبيد الله (٤) بن رُؤاس بن كِلاب بن ربيعةَ بن عامر بن صَعْصَعَة].
حجَّ سنةَ ستٍّ وتسعين، ثم انصرف من الحجِّ، فمات بفَيْد في المحرَّم سنةَ سبعٍ وتسعين ومئة [في خلافة محمَّد بن هارون] وكان ثقةً مأمونًا عالمًا رفيعًا كثيرَ الحديث حُجَّة.
(١) ديوانه ص ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٢) في (ب) و (خ): ليس الزمان عن المقل براضي. والمثبت من الشعر والشعراء ٢/ ٨٤٥، والأغاني ١٦/ ٤٠٢، والمنتظم ١٠/ ٣٤، والوافي بالوفيات ٣/ ٣٠٣.
(٣) تاريخ بغداد ١٥/ ٦٤٧، وتاريخ دمشق ١٧/ ٧٨٣ (مصورة دار البشير)، والمنتظم ١٠/ ٤٢، وتهذيب الكمال، وتاريخ الإِسلام ٤/ ١٢٣٠، والسير ٩/ ١٤٠.
(٤) في طبقات ابن سعد ٨/ ٥١٧: عبيد. وما بين حاصرتين من (ب).