أبو غالب بن بِشران، النَّحْوي، الواسطي، الحنفي، ويعرَف بابن الخالة، وُلِد سنة ثلاثين وثلاث مئة، وكان عالمًا فاضلًا عارفًا بالأدب والنحو [شاعرًا، وإليه انتهت الرحلة في علم الأدب] والنحو واللغة والحديث، [وسمع الكثير، ورُوي عنه، وذكره الخطيب وأثنى عليه] وكان (٢) شيخ العراق يرحل إليه الناس إلى واسط ويسمعون منه، وابن بِشْران جدُّه لأمه، وكانت وفاته بواسط يوم الخميس منتصف رجب، [سمع ابنُ بِشْران خلقًا كثيرًا منهم أبو الحسين علي بن محمد بن دينار الواسطي وغيره، وسمعتُ من شعره مقطعاتٍ، قال: أنشدنا ابن بِشْران في سنة خمسٍ وثلاثين وأربع مئة لنفسه: [من الطويل]
لسانيَ عن سؤالِ ما عِشْتُ صامتُ … ويذهلُ واشٍ عن غرامي وصامتُ
وبي منكَ وجدٌ قد تجاوزَ حدُّهُ … وزادَ فما يُحصيه بالنعت ناعِتُ
فديتُك لا تُشْمِتْ بما نالني العِدا … فإنَّ لهم فيما يسُرُّكَ كابِتُ
إذا خالتِ الخالاتُ يومًا بذي الهوى … فإن الهوى منِّي لك الدَّهرَ ثابتُ
مني النَّفْس لي طُرًّا إذا ما وصلتني … وإنْ لم تصِلْني فالأماني فوائتُ
وغيره أيضًا من شعره:[من البسيط]
وقائِلٍ عينُ من تهواهُ قد رمِدَتْ … فقلتُ كلَّا وحاشاهُ من الرَّمَدِ
لكنَّها أصبحتْ مُحمرّةً خجلًا … ممَّا ترى من العُشَّاقِ بالرَّصَدِ
وطالما أخذَتْ بالنار رامِقَها … فارتَدَّ عنها جريحَ القلب والكبدِ
ومن شعره:[من مخلع البسيط]
يا شائدًا للقصور مهلًا … أقصر فقصرُ الفتى المماتُ
لم يجتمِعْ شملُ أهل قَصرٍ … إلَّا وقصراهمُ الشَّتاتُ
(١) المنتظم ١٦/ ١٢٠ - ١٢١، ومعجم الأدباء ١٧/ ٢١٤ - ٢٢٤. وينظر السير ١٨/ ٢٣٥. (٢) في (م) و (م ١): وصار.