وكتب زر إلى عبد الملك كتابًا يَعِظه فيه ويقول: لا يُطمِعَنّك في طول الحياة ما ترى من صحّةِ بَدَنك، فأنت أعلم بنفسك، واذكر ما قال الأوَّلُون:[من الرجز]
إذا الرجالُ ولدت أولادُها … وبَلِيت من كِبرٍ أجسادُها
وجَعلت أسقامُها تَعتادُها … تلك زُروعٌ قد دنا حصادُها
فبكى عبد الملك حتى بَلّ طرفَ ثوبه، فقال: صدق زر، لو كتب إلينا بغير هذا كان أرْفَق.
عاش زر مئةً واثنتين وعشرين سنة، وافتضّ جارية وهو ابن عشرين ومئة سنة، وتوفي في سنة سبع وسبعين، وقيل: سنة إحدى وثمانين، وقيل: سنة ثلاث وثمانين، وقيل: يوم الجَماجِم.
وأسند عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عوف، وابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، والعبّاس، وصفوان، وحُذيفة، وعائشة ﵃، وغيرهم.
وروى عن أُبيّ بن كعب قال: سمعته يقول: ليلة القدر ليلة سبع وعشرين.
وروى عنه النَّخَعي، وأبو بُردة بن أبي موسى، وعاصم بن أبي النَّجود، في آخرين، وكان ثقةً كثير الحديث (١).
[وفيها توفي]
شبيب بن يزيد (٢)
ابن نُعيم الشّيباني الخارجي، قد ذكرنا بداية أمره (٣)[وما جهَّز إليه الحجّاج من الجيوش، وأنه دخل الكوفة مرتين]، وأنه مضى إلى كرمان [فأقام بها.
ذكر علماء السِّير منهم هشام بن محمد، عن أشياخه قالوا:] لما أقام [شبيب بكرمان] جَهَّز الحجّاج إليه سفيان بن الأبرد إلى الأَهْواز في أربعة آلاف، وكتب [الحجاج إلى البصرة] إلى الحكم بن أبيّوب بن أبي عَقيل [زوج أخت الحجاج و] عامله على البصرة أن
(١) انظر في ترجمة زر: "طبقات ابن سعد" ٨/ ٢٢٥، و"المعارف" ٤٢٧، و"الاستيعاب" (٨٧٠)، و"تاريخ دمشق" ٦/ ٤١٢ (مخطوط)، و"المنتظم" ٦/ ١٦٩، و"السير" ٤/ ١٦٦. ولم ترد هذه الترجمة في (ص) و (م). (٢) في (خ): شيبان بن زيد، وهو خطأ. وما بين معكوفين من (ص) و (م). (٣) في (ص) و (م) زيادة: في سنة أربع وسبعين اهـ. وهو خطأ، فقد ورد ذكره في أول هذه السنة، وآخر التي قبلها.