من مشايخ بغداد، [ذكره أبو نُعيم والسُّلَمي والخطيب، وهو صاحب الحكاية المشهورة:
قال الخَطيب بإسناده عن] الجنيد قال: رأيت إبليس في منامي وكأنَّه عُريان، فقلت: أما تستحي من النَّاس؟ قال: وأين النَّاس؟ كان هؤلاء من النَّاس، قلت: ولمَ؟ قال: لو كانوا من النَّاس ما تلاعَبْتُ بهم كما يتلاعب الصِّبيان بالكرة، قلت: فمَنِ النَّاس؟ قال: قوم في مسجد الشُّونيزيَّة، قد أنحلوا جسمي، وأضنَوا قلبي، كلَّما هَمَمْتُ بهم أشاروا إليَّ (١) فأكاد أحترق.
قال الجنيد: فانتبهتُ، وأتيت مسجد الشونيزيَّة [وعليَّ ليل]، فدخلت من الباب وإذا بثلاثةِ رؤوسهم في مُرَقَّعاتهم، فلما أحسُّوا بي أخرج واحدٌ منهم رأسَه من مُرَقَّعته وقال: يَا أَبا القاسم، أَنْتَ كلّ من قال لك شيئًا تقبل منه؟! قال: والثلاثة أبو بكر الزَّقَّاق، وأبو حمزة، وأبو الحسين النُّوري.
وحكى الخَطيب عن الزقَّاق أنَّه قال: لي سبعون سنة (٢) أرُبُّ هذا الفقر، من لم يصحبه في فقره الورع أَكَل الحرام النَّضَّ (٣).
قال المصنِّف ﵀: وذكر ابن خميس في "المناقب" رجلًا آخر يقال له: الزقَّاق اسمه: أَحْمد بن نَصْر شيخ مصر، [وقال: الزقاق] الكبير، [وحكى عنه في "المناقب" الكلامَ المَليح]، وكان عظيمًا.
[وحكى ابن خميس عن] الكتَّانيِّ قال: لمَّا مات الزقَّاق انقطعت حُجَّة الفقراء في دخولهم إلى مصر (٤).
(١) في (ف): كما هممت بهم قالوا الله أشار إلي، وفي تاريخ بغداد ٣/ ٤٦٢، والمنتظم ١٣/ ٢٠: كما هممت بهم أشاروا إلى الله تعالى. (٢) في (خ): وقال الزقاق: لي سبعون سنة، والمثبت من (ف م ١). (٣) النَّضّ: الظاهر. (٤) مناقب الأبرار ١/ ٣٧٧.