فقال رسول الله ﷺ:"بارَكَ اللهُ لكُم في غَنَمِكُم وأَكثَر أَولادَها". فرجعت الجارية إليها فأخبرتها فَسُرَّت بذلك (١).
ذكر إسلام أبي قُحَافة:
قالت أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ ﵂: لما كان عامُ الفتح ونزل رسول الله ﷺ بذي طوى، قال أبو قحافة لابنة له صغيرةٍ أصغر ولده: يا بُنيَّةُ أشرفي بي على أبي قُبَيْسٍ، وكان قد كُفَّ بَصرُه، فأشرفت به عليه فقال: ماذا ترَيْن؟ فقالت: أرى سوادًا مُجْتمعًا وأرى رجلًا يَشْتَدُّ بين ذلك السواد، فقال: تلك الخيل، أسرعي بي إلى منزلي، فخرجت به سريعًا حتى هبطت الأَبْطح، فلقيتها الخيل وفي عنقها طوق من وَرِق فاقتطعه إنسان من عُنِقها، فلما دخل رسولُ الله ﷺ المسجد خرج أبو بكر رِضوانُ الله عليه فجاء بأبيه يقودُه، فلما رآه رسول الله ﷺ قال:"وهلّا تركتَ الشيخَ في بيته حتَّى كنتُ أَجيئُه"، فقال: يا رسول الله، هو أحق أن يمشيَ إليك، فأجلسه بين يديه ثم مسح على صدره وقال:"أَسلِمْ تَسْلَم" فأسلم، ثم قام أبو بكر رضوان الله عليه فأخذ بيد أخته وقال: أنشد الله والإسلامَ رجلًا رَأى طوق أختي فردَّه، قالها مرارًا، فما أجابه أحد فقال: يا أُخَيَّةُ احتسبي طوقكِ، فوالله إن الأمانة في الناس اليوم لقَليل (٢).
* * *
وجاء أبو أحمد الأعمى بن جحش إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني لما هاجرتُ إلى الله ورسوله باع أبو سفيان داري بأربع مئة دينار وأُريدُ ثمنَها، فكان أبو سفيان حاضرًا، فقال له رسول الله ﷺ:"أَلا تَرضى بها دارًا في الجنَّةِ؟ " قال: بلى (٣).
ذكر إسلام عُتْبةَ ومُعتِّب ابني أَبي لهب:
وأمهما أم جَميل بنت حَرْب، حَمَّالة الحطب، قال رسولُ الله ﷺ يوم الفتح للعباس
(١) "المغازي" ٢/ ٨٦٨ - ٨٦٩. (٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٦٩٥٦) دون قوله: فوالله إن الأمانة في النَّاس اليوم لقليل. (٣) "الطبقات" ٤/ ٩٦.