وعن ابن عباس: أن النبي ﷺ دخل على عثمان حين مات فأكبَّ عليه، ثم رفع رأسه وهو يشهق فعرفوا أنه يبكي، ثم قال:"اذهَبْ عنَا أَبا السَّائبِ، فَقَد خَرجتَ منها ولم تَلتَبِس منها بِشَيءٍ"(١).
وقالت عائشةُ رضوان الله عليها: قبّل رسول الله ﷺ خدَّ عثمان بن مظعون وهو ميت، قالت: فرأيت دموعه تسيل على خد عثمان بن مظعون (٢).
وقالت أم العلاء: اقتُسمَ المهاجرون قرعة، فطار لنا عثمان بن مظعون، فمرَّضناه حتى إذا توفي وجعلناه في ثيابه، دخل علينا رسول الله ﷺ فقلتُ: رحمك الله أبا السائب، فشهادتي عليك أن الله أكرمك. قالت: فقال رسول الله ﷺ: "وما يُدرِيكِ أنَّ الله أَكْرَمهُ؟ " فقالت: لا أدري. فقال:"أَمَّا عُثمان فقد جاءَهُ اليَقينُ، والله إنِّي لأَرجُو له الخَيْرَ، وَواللهِ ما أَدرِي وأَنَا رسُولُ اللهِ ما يُفعَلُ بي" فَواللهِ لا أُزَكي بَعدَه أحدًا، فأحزنني ذلك، قالت: فنمت فرأيت لعثمان عينًا تجري، فجئت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته، فقال:"ذَلِكَ عَمَلُهُ"(٣).
وعن ابن عباس قال: لما مات عثمان، قالت امرأته: هنيئًا لك الجنة. فنظر إليها رسول الله ﷺ نظرة غضبان، قال:"وما يُدرِيكِ؟ " قالت: صاحبك. فقال:"إنِّي لَرَسُول اللهِ ومَا أَدرِي ما يُفعَلُ بي ولا بِهِ". فاشتد ذلك على المسلمين حتى ماتت بنت رسول الله ﷺ، فقال:"الْحَقِي بِسَلَفِنا عُثمانَ بنَ مَظْعُونَ"(٤).
[ذكر أولاد عثمان]
كان له من الولد: عبد الله (٥)، والسائب، وأمهما خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة، سُلَميّة.
فأما السائب: فهاجر إلى الحبشة المرة الثانية مع أبيه، ثم قدم مكة وهاجر إلى
(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" ١/ ١٠٥. (٢) "الطبقات" ٣/ ٣٦٨. (٣) أخرجه البخاري (٢٦٨٧). (٤) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢١٢٧). (٥) هكذا ورد في النسخ، والصواب: "عبد الرحمن" كما في "نسب قريش" ص ٣٩٤، و"الطبقات" ٣/ ٣٦٥.