فاستقدمَه، فلمَّا دخل عليه جلسَ، فعطسَ المنصورُ، فلم يشمِّته سوَّار، فقال له أبو جعفر، ما لك لا تشمتُني، فقال: لأنَّك لم تحمد الله، فقال: أنت ما حابيتني (١) في عطسة، تحابي غيري؟! ارجع إلى عملك.
قال: وكتبَ أبو جعفر إلى القاضي سوّار وهو بالبصرة: انظر إلى الأرضِ التي تخاصم فيها فلانٌ القائد وفلانٌ التاجر، فادفعها إلى القائد، فكتب إليه: قد قامتِ البيّنة عندي أنَّها للتاجر، فلستُ أخرجُها من يديه إلَّا ببينة، فكتبَ إليه أبو جعفر: والله الَّذي لا إله إلَّا هو لتدفعنَّها إلى القائد، فكتب إليه سوَّار: والله الَّذي لا إله إلَّا هو لا أخرجتُها من يد التاجر إلَّا بحقّ، فلمَّا وقف أبو جعفر على كتابه قال: الله أكبر، مُلئت - والله - الدنيا عدلًا، صارت قضاتي تردني إلى الحق.
وكانت وفاة سوَّار بالبصرة، وصلى عليه سعيد بن دعلج (٢).
[عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام]
ابن محمد بن عليّ بن عبد الله بن عبَّاس.
ولد بالشراة من أرض البلقاء، ولَّاه المنصور إمرةَ دمشق وفلسطين والصائفة سنة أربعين ومئة.
قال الحافظ ابن عساكر: فلم تحمد ولايتُه، وولَّاه أيضًا ما هدم ملك الروم من سور مَلَطية في سنة أربعين ومئة (٣).
قال: وقال يعقوب بن سفيان (٤): خاصمَ عبدُ الوهاب امرأتَه في ضيعةٍ بدمشق،
(١) في (ج): حييتني. ولعل المثبت هو الصواب. انظر أخبار القضاة ٢/ ٦١ - ٦٢، وتاريخ الإسلام ٤/ ٧١. (٢) تاريخ الطبري ٨/ ٥٢، وانظر أخبار سوار في أخبار القضاة ٢/ ٥٧ - ٨٨، وتاريح الإسلام ٤/ ٧٠. وفيه: سوار بن عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة. وهذا خطأ، والصواب -كما في نسخة بهامشه- سوَّار بن عبد الله بن قدامة … وسوار بن عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة هو حفيد المذكور، توفي سنة ٢٤٥ هـ، وستأتي ترجمته. وذكره الذهبي في وفيات الطبقة الخامسة والعشرين ٥/ ١١٤٩. (٣) تاريخ دمشق ٤٤/ ٦٤، ٦٥ (طبعة مجمع اللغة). (٤) الخبر في تاريخ دمشق ٤٤/ ٦٥ من طريق الأوزاعي، والخبر الَّذي قبله من طريق يعقوب بن سفيان، فلعله انتقال بصر، والله أعلم.