حديثٍ [لـ] أبي بكر الصديق ﵁، فقال للجارية: أخرجي إليَّ الجزء الثالث والعشرين من مسند أبي بكر ﵁، فقلت له: لا يصحُّ لأبي بكرٍ خمسون حديثًا، فمن أين ثلاثة وعشرون جزءًا؟! فقال: كلُّ حديثٍ لم يكن عندي من مئة وجه فأنا به يتيم (١).
[وفيها توفي]
أحمد بن المعتصم (٢)
الملقب بالمستعين، كان جوادًا سمحًا يطلقُ الألوف، قال يومًا لأحمد بن يزيد المهلبيّ وكان يأنسُ به: يا أحمد، ما أظنُّ أحدًا من بني هاشم إلَّا وقد طمع فِي الخلافة لمَّا وَليتُها لبعدي عنها، فقال أحمد: يا أمير المؤمنين ما أنت ببعيد، وإنَّما تقدَّم العهد لمن رأى الله تعالى أنْ يقدِّمهُ عليك، فقال المستعين: قد قلت فِي ذلك: [من مجزوء الرمل]
جاءَ أمر الله بالأمر … الَّذي لا أرتجيه
فعليَّ الآن أنْ أقـ … ـــضيَ حقَّ الشربِ فيهِ (٣)
وأمر المغنِّين فغنوه.
[وقال الخطيب:] كان المستعينُ مربوعًا عبلًا، بوجهه أثرُ جُدَريّ (٤)، وفي لسانه لثغةٌ؛ يميل المهملة (٥) إلى الثاء المعجمة المنقوطة بثلاث، ومن شعره:[من المجتث]
أحببتُ ظبيًا ثمين … كأنَّه غُثنُ تين
(١) تاريخ بغداد ٦/ ٦١٨ - ٦٢١، وما بين حاصرتين منه. وانظر ترجمته أيضًا فِي تهذيب الكمال ٢/ ٩٥ - ٩٨، وسير أعلام النبلاء ١٢/ ١٤٩ - ١٥١، وتاريخ الإسلام ٥/ ١٠٧٧ - ١٠٧٨. قال الذهبي فِي السير ١٢/ ١٥١: وتوفي مرابطًا بعين زَرْبة، فما حرَّروا وفاته كما ينبغي، فقيل: مات سنة سبعٍ وأربعين، وقيل: سنة أربعٍ وأربعين، وقيل: سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة ثلاث وخمسين ومئتين. اهـ. وانظر تهذيب التهذيب ١/ ٦٧. وذكره ابن الجوزي فِي المنتظم ١٢/ ٦٤ - ٦٥ فِي وفيات سنة ثلاث وخسين ومئتين. ولم أقف على من ذكر أنَّه توفي سنة ٢٥٢ هـ والله أعلم. (٢) سلف غير مرَّة أن الصواب فِي اسمه: أحمد بن محمد بن المعتصم. (٣) فِي الوافي بالوفيات ٨/ ٩٦: حقَّ الله فيه، ثم قال: وأعداؤه رووا أنَّه قال: حقَّ الشرب فيه. (٤) تاريخ بغداد ٦/ ٢٥٧. (٥) فِي (ب): يميل بالسين.