وأقامت قريش تتأهب سنةً حتَّى التقوا في العام القابل، وقيل: التقوا في هذا العام، واقتتلوا قتالًا شديدًا، وكانت الدائرة في أول النهار على قريش فقتلتهم قيس قتلًا ذريعًا، ثم كانت الدائرة في آخر النهار على قيس فقتلت منهم قريش مقتلة عظيمة، وحضر رسول الله ﷺ آخر النهار مع عمومته، ورمى فيه بسْهُم وقال ﷺ:"كُنْتُ أُنَبِّل فيه لأَعْمامي -أي: أُناولُهم النَّبْلَ- وما أُحبُّ أنِّي لم أَحْضُر". ولما حجز بينهم الليل، باتوا على راياتهم، فلما أصبحوا نادى عُتبة بن ربيعة -وهو يومئذ شابٌّ لم يبلغ ثلاثين سنة-: الصُّلْح أَصْلَح. فأجابوا وعدوا القَتلَى، ووَدَتْ قريشٌ قتلى قيس، ووضعت الحرب أوزارها.
وقال أبو عبيدة: أَبت بنو كلاب أن تقتل البَرَّاض بالرَّحَّال، لأنَّ البَرَّاض كان خليعًا في كنانة، وكان الرَّحَّال سيد هوازن، فأرادوا أن يقتلوا به سيدًا من قريش (١).
وكان لرسول الله ﷺ يومئذ عشر سنين، وقيل: أربع عشرة سنة، وقيل: عشرون سنة، والأول أصح.