وقال أبو حنيفة الدِّينوَري: هو قحطان بن عابر، وإنما سمِّي قحطان لقحطه (١)، وسنذكره في موضعه.
قلت: ولاختلاف النسَّابة في هذه الأسامي وما يشاكلها مما سيأتي ذكره، قال النبي ﷺ:"لا تُجاوزُوا عَدنَانَ، كذَبَ النَّسَّابونَ"(٢).
وقال الشعبي: إرم وأَرْفَخْشَذ من ولد سام بن نوح، ومن نسل سام الأنبياء والرُّسل والعرب كلها. قال: وفي زمان نمرود بَلبَلَ الله الألسن ببابل، فجعل في ولد سام تسعة عشر لسانًا، وفي ولد حام سبعة عشر لسانًا، وفي ولد يافث ستة وثلاثين لسانًا، قال: ونمرود اسمه كوش بن إرم بن سام بن نوح، نزل أرض بابل لما نذكر.
[فصل في حام وولده]
قال الكلبي: وهو أوسط ولد نوح، نزل مجرى الجنوب فاسودَّت ألوان بنيه لكثرة الحرِّ بها، كما نزل بنو يافث مجرى الشمال فابيضَّت ألوانهم واشتدَّت لكثرة البرد بها.
وقال وهب: كان حام من أحسن الناس، أبيض اللَّون، فلمَّا دعا عليه أبوه غيَّر الله لونه وألوان بنيه.
وقال جالينوس: نزلوا ساحل البحر فكان طعامهم السَّمك، فحدَّدوا أسنانهم حتى تركوها مثل الإبر لأنَّ السمك كان يلتصق بها.
قال وهب: ثم تفرَّقوا في البلاد، وولد حام: كوش بن حام، وكنعان بن حام، وقوط بن حام، فنزل قوط الهند والسِّند فولد هناك.
وقال أبو حنيفة الدِّينوَري: كان أولاد حام سبعة إخوة كأولاد سام: السّند والهند والزِّنج والقبط والحبش والنوبة وكنعان، فأخذوا ما بين الجنوب والدَّبور والصَّبا (٣).
وذكر جالينوس في كتاب "عجائب أولاد حام" فقال: اجتمعت في الأَسْود عشر خصال: تفلفل الشَّعر، وخفَّة الحاجبين، وانتشار المنخرين، وغلظ الشفتين، وتحدُّد الأسنان، ونتن الجلد، وتشقق اليدين والرجلين، وطول الذكر، وكثرة الطرب.
(١) الأخبار الطوال ص ٥. (٢) تقدم تخريجه في الفصل الأول في معرفة التاريخ. (٣) "الأخبار الطوال" ص ٢، وانظر المعارف ٢٦.