وأحضره الأمير ابن ظفر والي الإسكندرية ليَبْردَ له خاتمًا قد ضاق في خِنْصَره، فقال: [من السريع]
قَصَّر في أوصافك العالمُ … فاعْتَرَفَ النَّاثر والنَّاظِمُ
مَنْ يكنِ البحرُ له راحةً … يضيقُ عن خِنْصَرِهِ الخاتَمُ (١)
ودخل يومًا على الأمير، وفي حجره غزالٌ مستأنس، فقال له بعض الحاضرين: قل فيه شيئًا. فقال بديهًا: [من المتقارب]
عجبتُ لجرأة هذا الغزالِ … وأمرٍ تهيَّا له واعتمدْ
وأعجبْ به إذْ بدا جاثمًا … فكيف اطمأنَّ وأنتَ الأَسَدْ
فأمر له بعطاء (٢).
وكان على بابِ الأمير شِباكًا تمنع العصافير، فقال له ممتحنًا: قُلْ فيها شيئًا، فقال: [من المتقارب]
رأيتُ ببابك هذا المنيفِ … شِباكًا تُحيِّر مَنْ قد شَبَكْ
وفكَّرْتُ فيما جرى لي فقلتُ … مكانَ البحورِ يكونُ الشَّبَكْ (٢)
وقال: [من الطويل]
ألا رُبَّ من يلقاك في زِيِّ ناسكٍ … كسُفْيانٍ الثَّوريّ وابنِ عياضِ
يميلُ على مالِ الأنامِ كأنَّه … فريسةُ صيدٍ وهو ليثُ غياضِ
فيا مَنْ يرى أنَّ الرِّياءَ وسيلةٌ … تَنَبَّهْ فما الرَّحمنُ عنكَ براضِ
وقيل: هي لغيره.
عبد الرَّحيم بن رُسْتم (٣)
أبو الفضائل الزَّنْجاني الشَّافعي، [قاضي بعلبك، تفقه ببغداد على أبي منصور الرَّزَّاز، وقدم] (٤) دمشق سنة تسع وثلاثين، ودرس بالزَّاوية الغربية في الجامع،
(١) البيتان في "الخريدة": ٢/ ١٥.
(٢) البيتان في "الخريدة": ٢/ ١٥ مع اختلاف في بعض الألفاظ.
(٣) له ترجمة في "طبقات الشافعية" للسبكي: ٧/ ١٥٨ - ١٥٩، و"طبقات الإِسنوي": ٢/ ٨، و"الدارس": ١/ ٤١٨، وقد أحالوا في ترجمته على "تاريخ ابن عساكر"، ولم أجدها في المطبوع منه.
(٤) ما بين حاصرتين من (م).