الأجل فنجعلها مئة قلوص إلى تسع سنين، فقال: قد فعلت. فلما خشي أُبى أن يخرج أبو بكر ﵁ من مكة، فقال: أقم لي كفيلًا. فكفله ابنه عبد الله ﵄، فلما أراد أُبي أن يخرج إلى أُحُد، أتاه عبد الله بن أبي بكر ﵄، فقال له: أقم لي كفيلًا. فأعطاه، ثم رجع أُبي مجروحًا، فمات من جراحته بمكة. وكان رسول الله ﷺ جرحه، ثم ظهرت الروم على فارس يوم الحديبية وذلك على رأس تسع سنين من مناحبتهما، وهذا قول عامة المفسرين (١).
وقال أبو سعيد الخدري: إنما ظهرت الروم على فارس يوم بدر (٢).
وقال الشعبي: إنما كان صاحب قمار الكفار بمكة أبي بن خلف، وصاحب قمار المسلمين أبو بكر ﵁، وذلك قبل تحريم القمار، فلم تمض تلك المدة حتى غلبت الرومُ فارس، وربطوا خيولهم بالمدائن، وعَمَروا روميَّةَ، فقمر أبو بكر ﵁ أُبتا، وأخذ مال الخطر من ورثة أُبي، فجاء به رسولَ ﷺ، فقال رسول الله ﷺ:"تَصَدَّق به"(٣)
[ذكر السبب في ظهور الروم على فارس]
ذكر علماء السير: أن شَهريار لما هزم الروم على أذرعات، سار خلفهم فأناخ على خليج القُسطنطينية، وكان أخوه فَرُّخان في جملة الجيش، فسكر يومًا، فقال: رأيت في المنام كأني جالس على سرير كسرى. وبلغ كسرى، فكتب إلى شهريار: ابعث إليَّ رأس فرخان. فكتم ذلك على أخيه، وكتب إلى كسرى: إذا قتلت فرخان، فمن للنكاية في العدو، ومن للحرب. فكتب إليه كسرى: إن في رجال فارس خَلَفًا عنه، فعجِّلْ عليَّ برأسه. فكتب إليه شهريار: إنك لا تجد مثله، فلا تعجل على قتله. فغضب كسرى ولم يجبه، وكتب كتابًا إلى الجيش: إني قد نزعت عنكم شهريار، ووليت عليكم فرخان، ثم دفع إلى الرسول صحيفة صغيرة إلى فرخان يأمره بقتل أخيه شهريار، وقال: إذا
(١) ساق القصة ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ٤٢٤ - ٤٢٥، وانظر "تاريخ الطبري" ٢/ ١٨٥، و"دلائل النبوة"٢/ ٣٣٠، و"المنتظم" ٢/ ٣١٩ و ٣٨٧. (٢) أخرجه الترمذي (٢٩٣٥). (٣) أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٤٨٠، وعزاه إلى أبي يعلى وابن أو حاتم وابن مردويه.