وافيتموها؟ قالوا: نعم. فقال: إذا لقيتموه فأخبروه أنا عائدون إليه لنستأصله وأصحابه.
ثم سار إلى مكة ومر ذلك الركب بحمراء الأسد فبلغوا الرسالة، فقال رسول الله ﷺ:"حَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكيلُ"(١).
فصل وفيها توفي
عثمان بن مَظْعون (٢)
وأمه سُخيلة، وعثمان من الطبقة الأولى من المهاجرين، أسلم قديمًا.
قال يزيد بن رومان: انطلق عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث، [وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة بن عبد الأسد] وأبو عبيدة بن الجراح حتى أتوا رسول الله ﷺ، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا في ساعة واحدة، وذلك قبل دخول رسول الله ﷺ دار الأرقم.
وهاجر عثمان إلى الحبشة الهجرتين، وحرَّم الخَمْرَ في الجاهلية وقال: لا أشرب شيئًا يُذهب عقلي، ويُضْحِكُ بي من هو أدنى مني، ويحملني أن أُنْكحَ كريمتي من لا أريد. فنزل تحريم الخمر في سورة المائدة (٣).
وعثمان خال حفصة بنت عمر ﵂.
عن ابن شهاب: أن عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض، فقال له رسول الله ﷺ:"أَليسَ لك فيَّ أُسوةٌ حَسَنةٌ، فأَنا أَصومُ وأُفطِرُ، وآكُلُ، وآتِي النِّساءَ، إنَّ خِصَاءَ أُمَّتي الصَّومُ، لَيسَ منِّي من خَصَى واختَصَى"(٤).
ومات عثمان ﵁ في شعبان سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: في سنة اثنتين، وهو أول من دُفِنَ بالبقيع من المهاجرين، وقبّل رسول الله ﷺ خَدَّه لما مات، وسماه السلف الصالح، وكان زاهدًا مشغولًا بالتعبد.
(١) "السيرة" ٣/ ٤٥. (٢) انظر ترجمته في "الطبقات الكبرى" ٣/ ٣٦٥، و"سير أعلام النبلاء" ١/ ١٥٣، و"الإصابة" ٢/ ٤٦٤. (٣) "الطبقات الكبرى" ٣/ ٣٦٥، وما بين معقوفين زيادة منه. (٤) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" ٣/ ٣٦٦.