فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: فما صنع ربُّك في دموعك؟ فقال: قال لي: يا فتح، ماذا أردت ببكائك الدمع والدم؟ فوعزتي لقد صعد إليَّ حافظاك أربعينَ سنة بصحيفتك (١) ما فيها خطيئة (٢).
[ذكر طرف من كلامه:
حكى عنه في "المناقب" وغيرها أنَّه قال:] (٣) صحبتُ ثلاثينَ شيخًا كانوا يُعدُّون من الأبدال، وكلُّهم أوصاني عند فراقي له: إيَّاك ومعاشرةَ الأحداث.
وقال: من اشتاق إلى المحبوب زهدَ فيما سواه.
وقال: أليس الإنسان إذا امتنع من الطعام والشراب يموت؟ قالوا: بلى، قال: وكذلك القلب إذا امتنعَ من الذِّكر مات. وقال: أليس الله تعالى يقول: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٥]؟ فأيُّ قلب يطمئن إليها بعد هذا؟!
[وحكى في "المناقب" عن سالم الحداد -وكان من الأبدال- قال:] (٤) جاءني فتحٌ يومًا ومعه مِسْحَاةٌ، فقال لي: يا سالم بعها (٥) فليس عند الصبيان شيءٌ، فنظرت إليه نظرةً منكرةً وقلت: يا فتح، أتدري من شكوت (٦)؟ فمرَّ باكيًا ولم يَعد إليَّ ولا ذكر المسحاة.
أسند فتحٌ عن عيسى بن يونس وأقرانه، واشتغلَ بالعبادة عن الرواية. [انتهت ترجمة فتح].
أبو نُعَيم الفضل بن دُكَين
ودُكَين اسمه عمرو بن حماد بن زهير بن درهم، مولى آل (٧) طلحة بن عبد الله التيميّ
(١) في (خ) و (ف): وصحيفتك. والمثبت من (ب) وما سلف بين حاصرتين منها. (٢) مناقب الأبرار ١/ ٢٣٤، وصفة الصفوة ٤/ ١٨٩. (٣) ما بين حاصرتين من (ب). وجاء مكانها في (خ) و (ف): وقال فتح. وانظر مناقب الأبرار ١/ ٢٣٤. (٤) ما بين حاصرتين من (ب)، وفي (خ) و (ف): وقال سالم الحداد وكان من الأبدال. (٥) في (خ) و (ف): دعها، والمثبت من (ب)، ومناقب الأبرار ١/ ٢٣٦. (٦) في (ف): شكرت، وفي (ب): سكون. (٧) في (خ) و (ف): أبي. والتصويب من المصادر. ولم ترد ترجمة الفضل بن دكين في (ب).