الحسن بن جعفر بن حمزة، البَعْلبَكي الأَنْصاري (١)
ويعرف بابن بُرَيك، من ولد النُّعْمان بن بشير، نَظَرَ في وقف جامع دمشق، ومن شعره: [من الطويل]
أَحِنُّ إليكمْ كلَّما هَبَّتِ الصَّبا … وأَسأَلُ عنكُمْ كلَّ غادٍ ورائحِ
وأذكُرُ ذاكَ المَوردَ العَذْبَ منكُمُ … فَيغْلِبُني ماءُ الجفونِ القرائحِ
وكمْ ليَ منكُمْ أَنَّةٍ بعد زفرةٍ … تُهيِّجُ وجْدًا كامنًا في الجوانحِ
كأنَّ فؤادي قد تذكَّر ما مضى … بقُربكمُ تَغتالُه (٢) كفُّ جارحِ
وقال: [من الطويل]
بقلبيَ داءٌ من فِراقِ الحبائِبِ … أَمرُّ مذاقًا من هجومِ المصائِبِ
وفي كبدِي من لوعةِ البَينِ حرمةٌ … لها في الحشا وخْزٌ كلدغِ العقارِب
فهل لفؤادي من جَوى البَينِ راحةٌ … أُبَرِّدُ أَشْجاني بها ومشاربي
فما ليَ والدَّهْرَ الخؤونَ كأنَّما … جَنَيتُ فجازاني ببُعدِ الأقاربِ
أبي الدَّهْرُ إلا شَتَّ شَمْلي وفُرقةً … وروعةَ مَصحوبٍ لغيبةِ صاحِبِ
حَبَانيَ من بعدِ الأَخِلاء جَفْوةً … ولا سيَّما كون الحسودِ مُناصبي
سأطلبُ وَصلًا أو أموتُ بحَسْرَةٍ … فَيَحمدُني بعد المذلَّة عائبي
سقى الله مَغْنى من شقيتُ لبينهمْ … من الوابلِ الوَسْميِّ أَعْذَبَ صايبِ
وقفتُ به أَذْري دموعًا كأنَّما … تحدَّرُ سُحْبًا من جُفُون السَّحائبِ
وكَمْ لي بِهِ منْ أَنَّةٍ بعد وقْفةٍ … يَرِقُّ بها لي كلُّ ماشٍ وراكبِ
يقولون صَبرًا علَّ ذا البَين ينقضي … ويَسْعَدُ مُشتاقٌ برؤية آيبِ
لعَمْريَ ما صَبْري مفيدِيَ راحةً … ولكنَّه للبَينِ ضَربةُ لازِبِ
سهامُ الرَّزايا دَهْرَها ترشُقُ الورى … وجُمْلَتُها ما بين مُخْطٍ وصائِب
يزيدُ غرامي كلَّما هَبَّتِ الصَّبا … وأَصبُو إليكُمْ يا مُنى كلِّ طالبِ (٣)
(١) له ترجمة في "تاريخ ابن عساكر": ٤/ ٤٢٠ - ٤٢٢، و"مختصره" لابن منظور: ٦/ ٣٢٣ - ٣٢٥.
(٢) كذا في (ع)، وهي كذلك في تاريخ "ابن عساكر"، وفي (خ) كتب تحتها بخط دقيق: فاغتاله، إشارة إلى أنها نسخة.
(٣) الأبيات في "تاريخ ابن عساكر".