عليه، ويقول: هو أجدرُ بالقضاءِ من غيره، وولَّاه قضاءَ الرقَّة مُكْرَهًا برأي أبي يوسف، فقال لأبي يوسف: إنَّما أشرتَ عليه بذلك حَسَدًا لي، فقال: إنِّي نظرت، فإذا اللهُ قد بثَّ علمَنا في الدنيا إلَّا الجزيرةَ والشامات، فأحببتُ أن تكونَ بها حتى ينشرَ اللهُ بك العلم.
ذِكر وفاتِه:
خرج مع هارونَ إلى الرَّيِّ في سنة تسعٍ وثمانين ومئة، فتوفِّي هو والكسائى في يومٍ واحدٍ ومحمَّدٌ ابن ثمانٍ وخمسين سنة، فقال هارون: دفنتُ الفقهَ والعربيةَ بالرَّي.
وقال هلالٌ الرَّازي: دخلتُ على محمَّدٍ وهو يبكي، فقلت: أَتبكي مع العلم! قال: لا، وإنَّما أبكي على صُحبة هذا الرَّجل، أرأيتَ لو أوقفني اللهُ بين يديه وقال لي: ما الذي أَقدمك إلى الرَّي، الجهادُ في سبيلي وابتغاءُ مرضاتي؟ فما الذي كنتُ أقول له.
أَسند عن أبي حنيفَة وغيرِه، وحدَّث عنه الإمام الشافعيُّ وغيرُه.
وكان محمَّد إذا قيل له: إنَّ أناسًا يَقَعون فيك، ينشد يقول:[من البسيط]
مُحَسَّدون وشرُّ الناسِ منزلةً … مَن عاش في الناسِ يومًا غيرَ محسودِ (١)
وقال محمَدُ بن حمُّويه -وكان من الأَبدال- رأيت محمَّد بن الحسنِ بعد موتِه في منامي، فقلتُ له: ما فعل اللهُ بك؟ فقال: غفر لي وقال لي: لم أجعلْك وعاءً للعلم وأنا أريد أن أعذِّبَك، فقلت: فما فعل أبو يوسُف؟ قال: فوقي بدرجات، قلت: فأبو حنيفة؟ قال: فوقي وفوقَ أبي يوسفَ بطبقات.
وممَّن اسمُه محمَّد بن الحسنِ:
محمَّد بن الحسنِ
ابن الحسين أبو عبدِ الله الدِّمشقي. ومن شِعره:[من الطويل]
فإنْ عَزم (٢) العُذَّال يومَ لقائنا … وما لهمُ عندي وعندك من ثارِ
(١) انظر أخبار أبي حنيفة وأصحابه ص ٥٦، وتاريخ بغداد ١٥/ ٥٠٣. (٢) كذا في (خ)، والمحمَّدون من الشعراء ص ٣١٨، والوافي ٢/ ٣٥٦. وفي تاريخ دمشق ٦١/ ٣٠٥: مخرم. بالغين المعجمة والراء المهملة.