وذكر المسعودي أنَّ أبا مسلم لما بلغه ما فعل أبو سلمة؛ كتب إلى أبي العباس: اقتُلْهُ. فكتب إليه أبو العباس: ما كنت لأنسي (١) كثيرَ إحسانه، وعظيمَ بلائه، وصَالِحَ أيَّامه؛ بزَلَّةٍ كانت منه، وهي خَطْرَةٌ من خَطَرات الشياطين. فأرسل إليه أبو مسلم، فقتله.
وكانت وِزارته أربعة أشهر، وقيل: ثلاثة أشهر، وقيل: ستة أشهر.
وكان أبوه سليمان حيًّا، فاعتقله أبو العباس، فقيل له: إنه رجل صالح. فأطلَقَه.
وكان السفَّاح أمر لأبي اللفائف الشاعر بِصِلةٍ، فتأخَّرت، وكانت كتبُ السفاح لا تنفذ إلا بعلامةِ أبي سلمة، وكانت: "الحمد لله" (٢)، وهو أوَّلُ مَنْ وَقَّعَها، فوقف له يومًا وقد خرج من عند السفَّاح، وقال:
قُلْ للوزير أراه الإله … في الحقِّ رُشْدَهْ
الباذِلِ النُّصْحَ طوعًا … لآل أحمدَ جُهْدَهْ
أطَلْتَ حَمْلَ كتابي … وأخْذَهُ (٣) ثم رَدَّهْ
يا واحدَ الناسِ وَقَعْ … الحمدُ للهِ وَحْدَهْ
فوقَّع له، وأعطاه من ماله أربع مئة درهم.
خُصَيف بن عبد الرحمن
وقيل: ابن يزيد، الجزري الحرَّاني، مولى بني أمية، وأخوه خِصَاف، وُلدا توأمين؛ وُلد خُصَيف أوَّلًا، وكان لهم أخ ثالث اسمُه مخصَّف.
وقد خُصيف على عُمر بن عبد العزيز وهشام بالرُّصافة ويقال: إنه وليَ بيت المال.
قال أحمد بن أبي الحواري (٤): خرجَ مكحول وعطاء إلى هشام بن عبد الملك، فأقاما ببابه مدَّةً لم يأذن لهما، فدخلا المسجد، وإذا خُصَيف يُحدِّث، فلما رآهما قال:
(١) في "مروج الذهب" ٦/ ١٣٤: لأفسد.
(٢) في "أدب الكتَّاب" للصولي ص ١٣٤، و"الأوائل" للعسكري ٢/ ٩٩: آمنتُ بالله وحدَه (في الموضعين).
(٣) في المصدرين السابقين: أطَلْتَ حَبْسَ كتابي وخَتْمَهُ … وفي الأول منهما: وحَمْلَهُ، وفي الثاني: وخَتْمَهُ، بدل: وأَخْذَهُ.
(٤) تاريخ دمشق ٥/ ٦٢٢ (مصورة دار البشير).