إني أرى غيمةً يا قومُ قد طلعت … تدعو بصوت على صمَّانةِ الوادي
وأنه لن تروا فيها غداةَ غدٍ … إلَّا الرَّقِيم تُمَشِّي بين أنجادي
وسمير وعمران: كاهِنان، والرقيم: اسم كلب (١).
وقال ابن المسيب: لما انهزموا من الأسراب رُفِعَ لهم جبلٌ تحته أنهار وعيون، فاجتمعوا تحته، فقلب الله عليهم الجبل. وقال الله تعالى: ﴿كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا﴾ [هود: ٩٥] أي: لم يسكنوا بمغانيها، من قولهم غنيتُ بالمكان إذا أقصت به، والمغاني: المنازل. وقال السدِّي: ولما هلكوا رثاهم بعضهم فقال (٢):
ملوك بني حُطِّي وسَعفَص ذو النَّدى … وهوز أرباب البنيّةِ والحجر
همُو مَلَكوا مُلْكَ الحجاز بأوجهٍ … كمثلِ شُعاع الشمسِ أو هالةِ البدر
وهم وَطَّنوا البيت الحرامَ ورتَّبوا … أمورًا وسادوا بالمكارم والفخر
[ذكر وفاة شعيب وموضع قبره]
واختلفوا فيه: فقال علماء السير: أقام مدةً بعد هلاك قومه، ووصل إليه موسى ﵇، وزوَّجه بابنته. قال جدي ﵀ في "التبصرة": ثم خرج إلى مكة فمات بها وعمره مئة وأربعون سنة، ودفن في المسجد الحرام، حيالَ الحجر الأسود (٣).
قلت: وعند طبرية بالساحل قرية يقال لها: حطين فيها قبر يقال: إنه قبر شعيب، وما ذكره جدي أصحُّ؛ وكان شعيب قد أوصى إلى موسى.
وقال جدي ﵀ في "أعمار الأعيان": وتوفي بهذه السن: فروة ونفاثة، ومعاذ ابن حيان، ومرارة (٤).
وقال الشَّرقي بن قَطامي: إن الله بعث نبيًا آخر بعد شعيب، يقال له: شعيب بن ذي مهدم بن حصورا، إلى بني حصورا، وهم أمَّةٌ عظيمة من ولد يافث بن نوح، وكانت
(١) انظر "عرائس المجالس" ص ١٦٨.
(٢) القائل هو: المنتصر بن المنذر. إن صحَّ ذلك، فالأبيات نسبت إليه في "الروض المعطار" ص ٧١.
(٣) "التبصرة" ١١/ ٢٠٧.
(٤) "أعمار الأعيان" ص ٩٩ - ١٠٠.