مما جرت به العادة في الصلاة على الخلفاء من بني هاشم، وبلغ ستًّا وسبعين سنة، ورثاه الشريف الرضي (١) من أبيات: [من الرمل]
ما رأى حيُّ نزارٍ قبلَها … جبلًا سارَ على أيدي الرِّجالِ
وإذا رامي المقادير رمى … فدروعُ المرءِ أعوانُ النِّصالِ
أيها القبرُ الذي أمسى بهِ … عاطَلَ الأرضَ جميعًا وهو حَالي
لم يُواروا فيكَ ميتًا إنَّما … أفرغوا فيكَ جبالًا من نوالِ
لا أرى الدمعَ كفاءً للجَوى … ليس أنَّ الدَّمع من بعدِكَ غالي
وبِرُغمي أنْ كسوناكَ الثَّرى … وفرشناكَ زَرَابيَّ الرّمالِ
وهجرناكَ على رُغْمِ الورى (٢) … رُبَّ هجرانٍ على غيرِ تقالِ
لا تقُلْ تلكَ قبور إنَّما … هي أصدافٌ على دُرِّ اللآلي
محمد بن عبيد الله (٣)
ابن محمد بن حُلَيس، أبو الحسن، السلامي، كان فصيحًا، وله شعرٌ حسن، فمنه: [من المنسرح]
ظبيٌ إذا لاحَ في عشيرتِه … يطرقُ بالهمِّ قَلْبَ مَنْ طَرَقَهْ
سهامُ ألحاظِهِ مفوَّقَةٌ … فكلُّ مَنْ رامَ وَصْلَهُ رَشَقَهْ
بدائعُ الحُسْنِ فيهِ مُفترِقَه … وأنفُسُ العاشقينَ مُتَّفِقَهْ
قد كتبَ الحُسْنُ فوقَ عارِضِه … هذا مليحٌ وحَقِّ مَنْ خَلَقَهْ
وله في الدِّرع يقول: [من الكامل]
يا رُبَّ سابغةٍ حَبَتْني نعمةً … كافأتُها بالسوء غيرَ مفنِّدِ
أضحَتْ تصونُ عن المنايا مُهجتي … وظلَلْتُ أبذُلُها لكلِّ مهنَّدِ
وكانت وفاتُه ببغداد في جمادى الأولى.
(١) ديوان الشريف الرضي ٢/ ١٩٧ - ٢٠٠.
(٢) في الديوان: ضنِّ الهوى.
(٣) تاريخ بغداد ٢/ ٣٣٥، والمنتظم ١٥/ ٤١ - ٤٢، ويتيمة الدهر ٢/ ٤٦٦ - ٥٠٦، والكامل ٩/ ١٧٩، والأنساب ٧/ ٢٠٩.