يحيى بن عيسى بن إدريس، أبو البركات الأنباري (١)
قرأ القرآن، وسَمِعَ الحديث، [وقرأ الأدب على الزّبيدي] (٢)، وتفقه [على القاضي الحرَّاني] (٢) وكان يعظ، فمن حين يَطْلُعُ المنبر إلى حين ينزل [الأرض] (٢) لا يزال يبكي، وتعبَّد في زاويته خمسين سنة، وكان وَرِعًا، عَطِشَ يومًا فجيء بماءٍ [بارد] (٢) من دور بعض القُضَاة، فلم يشرب.
وكانت له كراماتٌ، ودُعاء مستجاب، و [كانت له] (٢) زوجة صالحة، فكانا يصومان الدَّهْر، ولا يُفْطران إلى بعد العشاء، وأولدَها أربعة أولاد، فسمَّاهم بأسماء الخلفاء: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وكانت وفاتُه في ذي القَعدة، فقالت زوجته: اللهم لا تبقني بعده. فعاشت خمسة عشرة يومًا وماتت، وكانت قارئةً للقرآن، وأقرأته هي ويحيى لأولادهم، [سمع يحيى من عبد الوهَّاب الأنماطي وغيره] (٢).
أبو العلاء بن [أبي] (٢) النَّدى المَعَرّي (٣)
كان شابًّا فاضلًا، [له مقطعات من الشعر] (٢)، اخترمته (٤) المنية، وله خمس وعشرون سنة، في الزَّلْزلة. وقيل: توفي سنة إحدى وخمسين [وخمس مئة] (٢).
ومن شعره في وصف شريفٍ لقبه بهاء الدِّين: [من الكامل]
من أين كان لكُنَّ يا حَدقَ المَهَا … عِلْمٌ بنَفْثِ السِّحْرِ في عُقَدِ النُّهى
أَمْ مَنْ أعانَ البانَ في مُهَجِ الورى … فَتْكًا فأصبحَ بالقنا مُتَشَبها
يبدو بوَجْهٍ كلَّما قابَلْتَه … أهدى إليك من المحاسنِ أَوْجُها
فله على القمر المنير فضيلةٌ … كفضيلةِ القمر المُنيرِ على السُّها
البَدْرُ يَقصُر أَنْ أُشَبِّهَهُ به … والشَّمسُ تَصغُرُ أَنْ أُشَبِّهَهُ بها
أنتمْ بني الزَّهراءِ أَهْلُ الحُجَّةِ الز … هْراءِ إنْ فَطِنَ المعانِدُ أَوسها
فإلامَ يُجحدُ في البَرِيَّة حقُّكمْ … قدآنَ للوَسْنان أَنْ يَتَنَبَّها
(١) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ١٨٠ - ١٨١.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) له ترجمة في "خريدة القصر" قسم شعراء الشام: ٢/ ٧١ - ٧٤.
(٤) في (ش) احتوشته.