ومازح أحمدُ يومًا ثُمامةَ بن أشرسَ في دار المأمونِ بمحضرٍ من الناس فقال: يا ثُمامة، كلُّ مَن ها هنا له معنًى إلَّا أنت، فإنَّك لا معنى لك، فقال ثُمامة: بلى، معناي أنَّني أُشاوَر في مثلك هل يصلح للوزارة أم لا.
وكان المأمونُ قد سأل ثمامةَ أن يليَ له الوزارةَ فأبى، فقال: أَشِر عليّ، فقال: أحمدُ بن أبي خالد، يقوم بالأمر حتى ينظرَ أميرُ المؤمنين فيمن يصلح.
وقال إبراهيمُ بن العباس: دخلتُ على أحمدَ وقد ألحَّ عليَّ الهمّ، فترنَّمت وقلت:[من الهزج]
أرى الموتَ لمن أَمسى … على الذُّلِّ له أصلحْ
أَلَا [يا](١) أيُّها القلبُ الـ … ــذي بالهمِّ قد يَطفحْ
إذا ضاق بك الأمرُ … ففكِّر في ألم نَشرَحْ
فإنَّ العُسرَ مقرونٌ … بيُسرَينِ فلا تَبْرَحْ
قال: فزال همِّي فسُورت.
ومات يومَ الاثنين لعشرٍ خلونَ من ذي الحِجَّة سنةَ إحدى عشرةَ ومئتين، وقيل: سنةَ اثنتي عشْرة، وصلَّى عليه المأمون، فلما دُلِّي في قبره ترحَّم عليه وقال: يا أحمد، كنتَ واللهِ كما قال الشاعر:[من الطويل]
أخو الجِدِّ إن جَدَّ الرِّجال وشَمَّروا … وذو باطلٍ إن كان في القوم باطلُ (٢)
[وفيها توفي]
إسماعيلُ بن حمَّاد (٣)
ابنِ أبي حنيفةَ النعمانِ بن ثابت [وكُنيته] أبو عبدِ الله، وقيل: أبو حيَّان. كان عالمًا زاهدًا عابدًا وَرِعًا، وكان المأمونُ يثني عليه [وسنذكره في ترجمته].
(١) ما بين حاصرتين لضرورة الوزن، وانظر الفرج بعد الشدة ١/ ١٠٧، وبهجة المجالس ١/ ١٨٣. (٢) المنتظم ١٠/ ٢٤٤، والوافي ٨/ ٢٧٤. (٣) تنظر ترجمته في تاريخ بغداد ٧/ ٢١٦ - ٢١٨، والجواهر المضية ١/ ٤٠٠ - ٤٠٣، وباقي مصادر ترجمته ثمَّة.