رجلين؛ رجلٍ لم أسأله، فإنْ هجوتُه ظلمتُه، ورجلٍ سألتُه فمنعني، فكانت نفسي أحقَّ بالهجو منه حيث سوَّلت لي بذل ماء وجهي إليه.
وقيل لنُصيب: هَرِمَ شِعْرُك. فقال: بل هَرِمَ عطاؤُكم (١).
وقال عبد العزيز يومًا لنُصَيب: هل لك فيما يثمر (٢) المنادمة؟ [فقال: أصلح الله الأمير، اللون مُرَمَّد، والشَّعْرُ مُفَلْفَل، ولم أقعد إليك بكريم عنصر، ولا بِحُسْنِ] مَنْظَر، وإنما أُجالسُك بعقلي ولساني، فإنْ رأيتَ أن لا تَحُولَ بينهما فافْعَلْ، فإنَّ الكأس تُغيِّر الخِلْقَة، فيعظُم أنفُ الرجل ويحمرُّ ويندَمِل. أي: يصير مثل الدُّمَّل.
فأعاد عليه القول، فقال: كيف أشربُ ما يشربُ عقلي (٣)؟!
قوله: مرمَّل مثل الرُّمال وهي خيوط الحصير (٤).
و [قال العتبي:] قال له عبدُ العزيز بنُ مروان: هل عشقتَ؟ قال: نعم جارية لبني مُدلج، وكنتُ لا أقدرُ عليها من الواشين، وكنتُ أجلس على الطريق لعلي أراها، وفيها أقول:
جلستُ لها كيما تَمُرَّ لعلَّني … أُخالِسُها التسليمَ إنْ لم تُسلِّمِ
فلمَّا رأَتْني والوُشاةَ تَحدَّرَتْ … مَدَامعُها خوفًا ولم تَتَكَلَّمِ
أميرَ المؤمنين فَدَتْك نفسي … ومَنْ فوقَ الترابِ لك الفداءُ
من أبيات (٦)]
(١) الأغاني ١/ ٣٦٦، وتاريخ دمشق ١٧/ ٥٦٢ (مصورة دار البشير). (٢) رَسم الكلمة في (خ) (والكلام منها): يثير. والمثبت من [العقد الفريد]. (٣) "العقد الفريد" ٢/ ١٣١ - ١٣٢ و ٦/ ٣٣٩، وما سلف بين حاصرتين منه. (٤) كذا في (خ) (والكلام منها) وهذا يدلُّ أنَّ لفظة "مُرَمَّد" السالفة هي عند المصنف: "مُرمَّل" وهي اللفظة المناسبة للسَّجْع؛ لقوله بعده: مُفَلْفَل (أي: مجعَّد) لكن لا يمكنني تغييرها لأنها وقعت ضمن ما استدركته من "العقد الفريد" وهو في موضعين منه. ومن قوله: وقيل لنصيب: هرم شِعْرك … إلى هذا الموضع، ليس في (ص). (٥) الأغاني ١/ ٣٧٥، و"تاريخ دمشق" ١٧/ ٥٥٧ (مصورة دار البشير)، والمنتظم ٧/ ١٢٨ - ١٢٩. (٦) ما بين حاصرتين من (ص). والبيت في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٥٥٦ من أبيات. وينظر أيضًا "مختصر تاريخ دمشق" ٢٦/ ١٤١.