وقال أحمد بن يزيد السلمي: كان عبد الله بن طاهر بالرقَّة، فبعثَ إليه عبد الصَّمد بن الصمت بن مروان بن أبي حفصة بأبياتٍ، فأرسَلَ إليه ابنُ طاهر بعشرينَ ألف درهم، فقال: [من الطويل]
لعمري لنعمَ الغيثُ غيثٌ أصابنَا … ببغدادَ من أرضِ الجزيرةِ وابلُهْ
ونعمَ الفتى والبيدُ دونَ مزارِه … بعشرينَ ألفًا صبَّحتنَا رسائلُهْ
وكنَّا كحيٍّ صَبَّحَ الغيثُ أهلَهُ … ولم ينتجع أظعانهُ وحمائلُهْ
أتى جودُ عبدِ الله حتَّى كَفَتْ به … رواحلَنا سير الفلاة رواحلُه
وأحسن من هذا قول القائل: [من الطويل]
جَزَى الله خيرًا والجزاءُ بكفِّه … بني السمطِ إخوانَ السماحةِ والحمدِ
أتاني وأهلي بالعراق حباؤهم … كما انقضَّ غيثٌ في تهامةَ من نجدِ (١)
ولما وصلَ ابنُ طاهر إلى مرو جلس في قصر الإمارة، فدخل عليه أبو يزيد الشاعر فقال: [من البسيط]
اشربْ هنيئًا عليك التاجُ مُرتفِقًا … في قصر مروٍ ودَعْ غُمدَان لليمنِ
فأنت أولى بتاجِ الملكِ تلبسُه … من هَوْذة بن عليٍّ وابن ذي يَزَنِ (٢)
فأعطاه عشرين ألفًا. ويقال: إنَّه أنشده: [من الطويل]
يقول رجالٌ إنَّ مروَ بعيدةٌ … وما بَعدَتْ مروٌ وفيها ابنُ طاهرِ (٣)
ومما يُنسَبُ إلى ابن طاهر من الشعر أنَّه كتب إلى المعتصم وهو يريد عَمُّوريَّة هذه الأبيات: [من البسيط]
إنَّ التي أمطرت بالبَذِّ صوت ردى (٤) … باتت تألَّقُ بالقاطولِ للرومِ
إنَّ الفتوحَ على قدرِ الملوك وهِمـ … ـمات الولاة وإقدام المقاديمِ (٥)
(١) انظر تاريخ دمشق ٩/ ٤٤٩ - ٤٥٠ (مخطوط).
(٢) الكامل للمبرد ٢/ ٥٣٧، والعقد الفريد ١/ ٣٢٢، والأغاني ١٧/ ٣١٧.
(٣) تاريخ دمشق ٩/ ٤٥١ (مخطوط).
(٤) في (خ) و (ف): إن التي أمطرت بالبيد صوت ندى.
(٥) تاريخ دمشق ٩/ ٤٤١ (مخطوط).