وناديتُ من حول الحسين عصائبًا … أطافَتْ به من جانبيه قبورُها
سلامٌ على أهل القبور بكَرْبَلا … وقلَّ لها منِّي سلامٌ يزورُها
سلامٌ بآصال العشياتِ والضُّحى … تُؤدِّيه نَكْبَاءُ الرِّياح ومُورُها
ولا برح الزُّوَارُ زوَّارُ قبرِهِ … يفوحُ عليهم مسكُها وعَبِيرُها
وقال سليمان (١) يرثيه:
مررتُ على ألياتِ آلِ محمدٍ … فلم أَرَها كعهدِها يومَ حَلَّتِ
فلا يُبعدُ اللهُ الدِّيارَ وأهلَها … وإنْ أصبحتْ عنهم برغمي تخلَّتِ
ألا إنَّ قتلى الطَّفِّ من آلِ هاشمٍ … أذلَّتْ رقابَ المسلمين فذلَّتِ
وكانوا غياثًا ثمَّ أضْحَوْا رَزِيَّةً … لقد عَظُمَتْ تلك الرَّزايا وجلَّتِ
إذا افْتَقَرَتْ قيسٌ جَبَرْنا فقيرَها … وتقتلُنا قيسٌ إذا النَّعلُ زَلَّتِ
وعند غنيٍّ قَطْرةٌ من دمائنا … سنجزيهمُ يومًا بها حيثُ حَلَّتِ
ألم تر أنَّ الأرضَ أضْحَتْ مريضةً … لفقد حسينٍ والبلادُ اقْشَعَرَّتِ
فإنْ تُتبعوه عائذَ البيت تُصبحوا … كعادٍ تَعَمَّتْ عن هُداها فضلَّتِ
وقد أعولَتْ تبكي السماءُ (٢) لفقدهِ … وأنجمُهما ناحت عليه وصلَّتِ (٣)
وقال أبو الأسود الدِّيلي.
أقولُ وذاك من جَزَعٍ ووَجْد … أزال اللهُ ملك بني زيادَ
وأبعدَهم كما غَدَرُوا وخانُوا … كما بَعِدَتْ ثمودُ وقومُ عادِ
هُمُ خَشَمُوا الأنوف وهنَّ شُمٌّ … بقتلِ ابنِ القِعاسِ أخي مراد (٤)
قتيلِ السُّوق يا لك من قتيلٍ … به نَضْحٌ مِنَ احمرَ كالجِساد
وأهلُ نبيِّنا من قبلُ كانوا … ذوي كرمٍ دعائمَ للبلادِ
(١) هو سليمان بن قَتَّه.
(٢) في (ب) و (خ): النساء، والمثبت من "أسد الغابة" ٢/ ٢٢، ولم ترد هذه القصيدة في (م)، وينظر التعليق التالي.
(٣) ورد عدد من الأبيات دون بعض في "أنساب الأشراف" ٢/ ٥١٣، و"طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٥٧، و"أسد الغابة" ٢/ ٢٢.
(٤) هو هانئ بن عروة المرادي، أمرَ ابنُ زياد بإخراجه إلى السوق مكتوفًا، وضُربت عنقه، وسلف خبره مع خبر مسلم بن عقيل، وترجم له المصنف آخر ستة ستين مختصرًا.