حسينٌ ذو الجدود وذو المعالي … يزين الحاضرين وكلَّ نادِ
أصابَ العزَّ مهلكُه فأضحى … عميدًا بعد مصرعه فؤادي (١)
وقال الشيخ أبو الفرج ابنُ الجوزيّ في "التبصرة" (٢) كلمات فيها:
إنما رحلَ الحسينُ ﵁ إلى القوم لأنه رأى الشريعةَ قد دَثَرَتْ ورُفضت، فجدَّ في رفعِ قواعدِ أصلِها الجدّ، فلما حضروه حصروه، فقال: دعُوني أرجع. فقالوا: لا، ألا انْزِلْ (٣) على حكم ابنِ زياد. فاختارَ القتل على الذُّلّ، وهكذا النفوسُ الأبيَّة. وأنشد:
ولما رأى بعضَ الحياة مَذَلَّةً … عليهم وعِزَّ الموتِ غيرَ مجرَّمِ
أَبَوْا أن يذوقوا العيشَ والذمُّ واقعٌ … عليه وماتوا مِيتةً لم تُذَمَّمِ
ولا عجبٌ للأسْدِ إنْ ظفرتْ بها … كلابُ الأعادي من فصيحٍ وأعجمِ
فحَرْبَةُ وَخشِيٍّ سَقَتْ حمزةَ الرَّدَى … وحَتْفُ عليٍّ في حُسام ابنِ مُلْجَمِ
قال (٤): وقد روينا أنَّ صخرة وُجدت قبل مبعثِ النبي ﷺ بثلاث مئة سنة، عليها مكتوب باليونانية أو العبرانية:
أيرجو معشرٌ قتلُوا حسينًا … شفاعةَ جدِّه يومَ الحساب (٥)؟!
[وأنشد جدِّي في "التبصرة" (٦):]
لا بدَّ أنْ تردَ القيامة فاطمٌ … وقميصُها بدمِ الحسين ملطَّخُ
ويلٌ لمن شفعاؤه خصماؤهُ … والصُّورُ في يوم القيامة يُنفخُ
ونقلتُ من على ظهر مجلّد الخالِدِيَّين (٧) في هذا المعنى:
(١) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٥٧. وينظر "المعجم الكبير" للطبراني (٢٨٥٣). ولم ترد القصيدة في (م).
(٢) ٢/ ١٤.
(٣) في "التبصرة": لا، انزل.
(٤) في "التبصرة" ٢/ ١٧. وينظر "مختصر تاريخ دمشق" ٧/ ١٥٥.
(٥) من قوله: وقال سليمان يرثيه (في الصفحة السابقة) إلى هذا الموضع لم يرد في (م).
(٦) ٢/ ١٧.
(٧) هما أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم الخالديَّان، أديبا البصرة، وشاعراها في وقتهما. توفي محمد في نحو ٣٨٠ هـ، وتوفي سعيد سنة ٣٧١ هـ. ينظر "الأعلام" ٧/ ١٢٩.