وأما اليهودي: فمُخَيريق بن مُحَيْريز، وكان يوم أحد يوم السبت فلم يلتفت، وأخذ سلاحه وقال: لا سبت، ثم قال: إن أُصِبت فمالي لمحمد ﷺ يصنع فيه ما شاء. ثم جاء إلى أحد فقاتل، فقال رسول الله ﷺ:"مخيريق خيرُ يهود"(١).
وقتل من المشركين نيف وعشرون، منهم حملة اللواء، وأُبي بن خَلَف الجُمَحي، وأبو عَزَّة الشاعر.
ترجمة أُبَيّ: كان يلقى رسول الله ﷺ فيقول له: عندي فرس أعلفها كل يوم فَرْقَ ذُرَة أقتلك عليها. فيقول له رسول الله ﷺ:"أَنَا أقْتُلُك إنْ شَاءَ اللهُ تعالى". فلما كان يوم أحد رأى رسول الله ﷺ، فقصده وقال: لا نجوتُ إن نَجوْتَ. فأخذ رسول الله ﷺ الحَربةَ فَخَدَشه في عنقه، فتَدهدى عن فرسه يخور كما يخور الثور، ويقول: قتلني محمد، لو كانت هذه بربيعة ومضر لقتلتهم، فقال له أصحابه: لا بأس عليك، إنما هو خَدْش، فقال: أليس قد قال ابنُ أبي كَبْشة. أنا قاتلك؟ والله لو بصَق عليَّ بعد هذه المقالة لقتلني، فمات بسَرِفٍ (٢). فقال حسان بن ثابت (٣): [من الوافر]
لقد وَرِثَ الضلالةَ عن أبيه … أُبَيٌّ حين بارزَه الرسولُ
أَتُقْسِمُ حين تلقاه بأحْدٍ … وتُوعِدُه وأنت به جَهولُ
وقد قَتَلَتْ بنو النجار منكم … أميَّة إذ يضيق به السَّبيلُ
وأما أبو عَزَّة فإن رسول الله ﷺ كان قد منَّ عليه يوم بدر، فلما رجع رسول الله ﷺ إلى المدينة من أحد، أُخذ أبو عزة أسيرًا ولم يُؤْسَر غيره، فأمر رسول الله ﷺ عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح بقتله، فقال: عَفوَك يا محمد. فقال رسول الله ﷺ:"المُؤمِنُ لا يُلْدَغُ مِن جُحْرٍ مَرَّتينِ، قد عَفَوتُ عنكَ وهَجَوتَني وأَصحابِي، واللهِ لا أَدَعُكَ تَمسَحُ على لحيتكَ بمكَّةَ وتَقولُ: خَدَعتُ مُحمَّدًا وأَصحابَه" فضرب عاصم عنقه (٤).